بكر. فرجع الوفد إلى المدينة مجددا (144).
وما أن رجع أهل مصر إلى عثمان وحاصروه، حتى تمخض القوم مرة أخرى على عثمان، واستنكف الجميع عن التوسط له عند الثوار لما رأوا ما رأوا. إلا أقرباؤه وحاشيته.
وذهب مروان إلى عائشة، فقال: يا أم المؤمنين! لو قمت فأصلحت بين هذا الرجل وبين الناس؟ قالت: قد فرغت من جهازي، وأنا أريد الحج. قال:
فيدفع إليك بكل درهم أنفقته درهمين، قالت: لعلك ترى أني في شك من صاحبك؟ أما والله لو وددت أنه مقطع بغرارة من غرائري، وأني أطيق حمله، فأطرحه في البحر (145) والمعروف عن عائشة إنها كانت أكثر تحريضا على عثمان وهي صاحبة كلمة: (اقتلوا نعثلا فقد كفر)!.
وثقل على الإمام علي (ع) أن يستمر في التوسط إليه مع القوم. ذلك لأن الإمام عليا (ع) يدرك أن عثمان هو المسؤول عن مقتله بسبب عصيانه مشورة كبار الصحابة، واقتصاره على الطلقاء.
كان (ع) يدرك أن الجماهير المسلمة غاضبة في الله، وتطلب تحكيم شرعه في قضية الحكم. وأقبل علي (ع) على عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث فقال:
أحضرت خطبة عثمان؟ قال: نعم: أفحضرت مقالة مروان للناس؟ قال نعم فقال علي (ع): أي عباد الله! يا للمسلمين! إني إن قعدت في بيتي قال لي: تركتني وقرابتي وحقي، وإني إن تكلمت فجاء ما يريد يلعب به مروان فصار سيفه له يسوقه حيث يشاء بعد كبر السن وصحبة رسول الله صلى الله عليه وآله وقام مغضبا حتى دخل على عثمان فقال له: أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلا بتحرفك عن دينك وعن عقلك مثل جمل الضعينة يقاد حيث يسار به؟ والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه! واسم الله إني لأراه يوردك ولا يصدرك! وما أنا عائد بعد