يقول أبو بكر (لأقولن استخلفت عليهم خيرهم في نفسي (وإفصاحه عن الواقع بعبارة في نفسي) هو مفتاح السر، لإدراك اللعبة. فهو يراه خيرا في نفسه، لا حسب نفوس المسلمين أصحاب السابقية والمجد. وكيف لا يكون خيرا في نفسه، وهو لولاه لما تمت خلافة المسلمين. لقد عرف (أبو بكر) أن وجدان المجتمع قد تشكل على أيديولوجيا (الشورى) التي لم تكن إلا غطاء لصرف الإمامة عن (النص) وعليه، فإن أبا بكر وهو عازم على تثبيت عمر بن الخطاب، يحتاج إلى تعديل في التشكيلة الوجدانية للمسلمين. التعديل الذي لا يسرف فيه حتى يحفز الناس إلى الخلافة الكبرى. التي أرستها شريعة الإسلام لعلي (ع) ولا يفتر فيه حتى يرفضوا مشروع خلافة عمر ابن الخطاب. حاول أبو بكر أن يزرع في هذا الوجدان مفهوما جديدا للخلافة، وهو الخلافة بالتنصيب. وأعاد المنطق الذي كان مطروحا على صعيد الحلم الإسلامي، إبان وفاة الرسول صلى الله عليه وآله هو (النص) على الخلافة!.
قال أبو بكر صلى الله عليه وآله: (70) وأما اللاتي كنت أود أني سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عنهن، فليتني سألته لمن هذا الأمر من بعده؟ فلا ينازعه فيه أحد، وليتني كنت سألته. هل للأنصار فيها من حق؟ وليتني كنت سألته عن ميراث بنت الأخ والعمة، فإن في نفسي من ذاك شيئا) أجل لقد بقي في نفس أبي بكر شئ من كل ذلك، حتى من (ظلامة) علي (ع) وأهل بيته. وهو القائل: (فأما اللاتي فعلتهن وليتني لم أفعلهن، فليتني تركت بيت علي وإن أعلن علي الحرب) (71).
إنه يشهد أن خلافته ليست مؤكدة. أولا، ليس متأكدا من شرعيتها، ويشهد أنه ارتكب خطيئة يوم أعلن الحرب على علي (ع) ولكنه بعد ذلك كله يأبى إلا أن يدفع ثمن الصفقة السقيفية. استجابة للعهد المعهود.