هناك من رأى أن أبا (لؤلؤة) قاتل عمر، كان قد حملته روح الانتقام إلى تنفيذ هذه العملية. وكان أبو لؤلؤة عبدا للمغيرة بن شعبة، وهو نصراني حسب بعض الروايات ومجوسي حسب أخرى. وجاء في (أسد الغابة) إن المغيرة كان يستغله (أي أبي لؤلؤة) كل يوم أربعة دراهم، فلقي أبو لؤلؤة عمر فقال: يا أمير المؤمنين إن المغيرة قد أثقل على غلتي، فكلمه يخفف عني فقال له عمر: إتق الله، وأحسن إلى مولاك (إلى أن قال، فاصطنع له خنجرا له رأسان) (84) وهذه الرواية إن صحت، فإنها تظهر مدى الانسحاق الذي عانت منه الفئات الضعيفة، وهذا واحد من الذين امتلكوا الشجاعة لقتله. لكنني أرى عكس ذلك. فأبو لؤلؤة - قد يكون منفذا لهذه المؤامرة التي خطتها، وهندستها عقول كثيرة. ولا أدل على ذلك من مقتل (الهرمزان) وسكوت عثمان على ذلك، وعدم إقامة الحد على عبيد الله بن عمر، الذي راح ينتقم لأبيه من مجموعة أشخاص.
مما اضطر عثمان إلى غلق هذا الملف وعدم إشاعة الأمر. لقد سبق أن أكدنا على النفوذ الذي بقي في حوزة الأمويين والدليل على ذلك أن أبا سفيان لما عرض الخلافة على علي (ع) قال: له (لو شئت لأملأنها عليك خيلا ورجالا) فهذا دليل على النفوذ والقوة التي كانت لا تزال تحتفظ بها الكتلة الأموية. وبقي أبو سفيان حاقدا على عمر وأبي بكر، لولا أنهما رتبا أمر إمارة ابنيه في الشام) (85).
كانت علاقة المغيرة بن شعبة مع الأمويين متينة على الكوفة والمغيرة هذا هو سيد أبي لؤلؤة فيه نظر في السيرة كان عمر قد عزله بعد أن ولاه على البصرة وذلك بعد أن شهد عليه بالزنا (86).
بيد أن عمر، كما سبق أن قلنا، وللسطحية السياسية التي كان يتحلى بها ولاه مرة أخرى على الكوفة مع أن في الصحابة من هو أكثر انضباطا واستقامة.