لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٥٧
الغث والسمين، وينال من الأخضر واليابس على حد سواء، ويضرب المصلي إذا صلى خاشعا بتهمة النفاق، ويضرب المخطئ ضربا مبرحا، لا أن يحل مشكلة الخطأ من الأساس. واشتهر عمر ابن الخطاب، بالدرة، وهي آلته في ضرب الناس، والإنزال من معنوياتهم. ولم يسلم من درته كبار الصحابة. حتى وصل به الأمر أن يقول: أصبحت أضرب بالدرة كل الناس ليس فوقي إلا الله) (72) وعدها (العقاد) من عبقرياته. وتمثل هذا القمع منذ البداية، وقد هاب أمره الناس لحدة طبعه، وتشنج مزاجه. ولكن أبا بكر كما سبق ذكره، كان يريد دفع الثمن لعمر. على الرغم من أنه تظاهر بالزهد فيها، وود لو كان في أمر المسلمين خلوا، وهو صاحب (أقيلوني فلست بخيركم) ونتسأل من خلال التاريخ، كيف يعترف أبو بكر بأنه ليس بخير من الناس، ينازع فيها عليا (ع) ويقول لطلحة بن عبيد الله: أبالله تخوفني! إذا لقيت ربي فسألني، قلت: استخلفت عليهم خير أهلك، فقال طلحة: أعمر خير الناس يا خليفة رسول الله! فاشتد غضبه، وقال: إي والله، هو خيرهم وأنت شرهم (73).
لقد كان تنصيبا بالاستبداد، الذي لا يسمح أن يقال أو يسأل، هل (عمر هو خير الناس) فعلا!؟ وهذا التناقض في التظاهر بالزهد في الخلافة، والاستبداد بها في النهاية، وتوريثها لعمر بن الخطاب هو ما أشار إليه الإمام علي (ع) في خطبته الشهيرة في النهج: (فيا عجبا! بينما هو يستقبلها في حياته، إذ عقدها لآخر بعد وفاته! لشد ما تشطرا ضرعيها! فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها، ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة، إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم، فمني الناس لعمر الله بضبط وشماسي، وتلون واعتراض فصبرت على طول المدة، وشدة المحنة) والواقع هو ما اعترف به ابن الحديد المعتزلي في شرحه، مع شئ من التزييف:

(72) - الغدير في الكتاب والسنة والأدب الأميني.
(73) - بن أبي الحديد في شرح النهج (ص 164 - 165 - 103) منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي قم - إيران 1406 ه‍. ق.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 الاهداء 11
3 المقدمة 13
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 19
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 23
6 مدخل 29
7 ثم ماذا 33
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 39
9 الخلافة الراشدة 43
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 55
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 69
12 كلمة البدء 71
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 87
14 وأثرت السؤال 93
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 99
16 رحلة جديدة مع التاريخ 101
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 103
18 السقيفة 125
19 الوفاة وملابساتها 127
20 عصر ما بعد السقيفة 149
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 161
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 181
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 191
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 213
25 بيعة الإمام علي (ع) 225
26 صفين: مأزق المآزق! 243
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 267
28 الامام الحسن والواقع الصعب 273
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 287
30 واشر أب الملك بنفسه 291
31 وملك يزيد 295
32 ملحمة كربلاء 297
33 لقد شيعني الحسين 313
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 323
35 مفهوم الصحابي 325
36 نماذج وباقات 329
37 أبو بكر 331
38 عائشة بنت أبي بكر 337
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 349
40 ليس كل الصحابة عدول 353
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 355
42 مفهوم الإمامة 359
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 381
44 البداء 399
45 وأخيرا 405