ومعه عمر فكان عمر يقول للناس: انصتوا واسمعوا لخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه لم يسألكم نصحا. فسكن الناس، فلما قرئ عليهم الكتاب سمعوا وأطاعوا، وكان أبو بكر أشرف على الناس وقال: أترضون بمن استخلفت عليكم؟ فإني ما استخلفت عليكم ذا قرابة وإني قد استخلفت عليكم عمر فاسمعوا وأطيعوا، فإني والله ما ألوت من جهد الرأي) (75).
لقد هيأ عمر الطريق لأبي بكر، حتى ينصبه على الناس، قال لهم (اسمعوا وأطيعوا) لخليفتكم الذي يسألكم نصحا، ليقول أبو بكر للناس. إني استخلفت عليكم عمر (فاسمعوا وأطيعوا) والرؤية التي كان يحملها عمر بن الخطاب، للخلافة وإدارتها، ليست في مستوى الإسلام وإنسانيته. لقد كانت تتأسس على موروث فطري عربي ممزوج ببعض ما فهمه عمر من الإسلام كان يرى الخلافة بمعنى التابع والمتبوع. وإن الخليفة هو القائد الذي تسير خلفه قطعان من الخرفان، لا حق لها في المشاركة. وقف عمر بن الخطاب بعد وفاة أبي بكر، فقال إنما مثل العرب مثل جمل آنف أتبع قائده فلينتظر قائده حيث يقوده. وأما أنا فورب الكعبة لأحملنكم على الطريق!) (76) إنه يقسم برب الكعبة إنه سيحملهم على الطريق. تلك التي كما يراها هو. وكثيرا ما رأى الحق، فكان باطلا. وما وسعه إلا أن يقول كلمات نظير: (كل الناس أفقه منك يا عمر). أو (لولا علي لهلك عمر)! وما أشبه ذلك من أمثلة. وفي تاريخ الخلفاء، ذكر ابن قتيبة:
(فخرج عمر بالكتاب وأعلمهم: فقالوا: سمعا وطاعة. فقال له رجل: ما في الكتاب يا أبا جعفر؟ قال: لا أدري، ولكني أول من سمع وأطاع قال: لكني والله أدري ما فيه: أمرته عام أول. وأمرك العام) (77).
وهكذا كانت الوقائع التي أكدها التاريخ. تثبت بالبراهين المحرقة، إن عمر ابن الخطاب. فرض على المسلمين بالاستبداد. ولو خيروا يومها لاجتمعت