الاستفهام وحذفت الهمزة، أي هل تغير كلامه واختلط لأجل ما به من المرض، وهذا أحسن ما قال فيه، ولا يجعل إخبارا فيكون إما من الفحش أو الهذيان، والقائل كان عمر ولا يظن به ذلك انتهى كلامه.
ونحن نرد عليك يا سيادة العالم الجليل أن الظن لا يغني من الحق شيئا ويكفينا اعترافك بأن قائل هذا الفحش هو عمر! ومن أنبأك بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يكتب خلافة أبي بكر؟ وهل كان عمر ليعترض على ذلك؟ وهو الذي شيد أركان الخلافة لأبي بكر وحمل الناس عليها غصبا وقهرا حتى هدد بحرق بيت الزهراء وهل هناك من ادعى هذا غيرك يا سيادة العالم الجليل؟
والمعروف عند العلماء قديما وحديثا بأن عليا بن أبي طالب هو المرشح للخلافة من قبل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إن لم يعترفوا بالنص عليه.
ويكفيك ما أخرجه البخاري في صحيحه من كتاب الوصايا من جزئه الثالث صفحة 186، قال:
ذكروا عند عائشة أن عليا رضي الله عنهما كان وصيا فقالت: متى أوصى إليه وقد كنت مسندته إلى صدري فدعا بالطست فلقد أنخنت في حجري فما شعرت أنه قد مات فمتى أوصى إليه؟
والبخاري أخرج هذا الحديث لأن فيه إنكار الوصية من طرف عائشة وهذا ما يعجب البخاري، ولكن نحن نقول بأن الذين ذكروا عند عائشة أن رسول الله أوصى لعلي، صادقين لأن عائشة لم تكذبهم ولم تنف هي نفسها الوصية ولكنها سألت كالمستنكرة متى أوصى إليه؟ ونجيبها بأنه أوصى إليه بحضور أولئك الصحابة الكرام وفي غيابها هي، ولا شك بأن أولئك الصحابة ذكروا لها متى أوصى إليه ولكن الحكام المتسلطين منعوا ذكر مثل هذه المحاججات كما منعوا ذكر الوصية الثالثة ونسوها، وقامت السياسة على طمس هذه الحقيقة على أن عمر نفسه صرح بأنه منع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كتابة الكتاب لعلمه بأنه يختص بخلافة علي بن أبي طالب، وقد أخرج ابن أبي الحديد، الحوار الذي دار بين عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس،