هو الذي أردفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليبلغ عنه براءة بعد ما جاءه جبرئيل وأمره عن الله بعزل أبي بكر من تلك المهمة وقال له: لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك. فصعب على البخاري أن يعزل أبو بكر بوحي من الله تعالى ويقدم عليا بن أبي طالب عليه وهذا ما لا يرتضيه البخاري أبدا فعمد إلى الرواية فدلسها كغيرها من الروايات.
وكيف لا يتنبه الباحث لهذا الدس والتزوير وخيانة الأمانة العلمية خصوصا وهو يقرأ أن أبا هريرة يقول: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر!
فهل كان أبو بكر هو الذي يسير الأمور حتى في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وكيف أصبح المبعوث هو الباعث الذي يختار مؤذنين من بين الصحابة يا ترى؟
وتمعن في أسلوب البخاري كيف قلب كل شئ فأصبح علي بن أبي طالب - المبعوث من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأداء تلك المهمة التي لا يصلح لها سواه - أصبح شريك النداء مع أبي هريرة وبقية المؤذنين دون التعرض لعزل أبي بكر ولا رجوعه يبكي (كما في بعض الروايات) ولا التعرض إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاءني جبرئيل فقال: لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك.
لأن ذلك الحديث هو بمثابة وسام الشرف الذي قلده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لابن عمه ووصيه على أمته علي بن أبي طالب، ثم هو صريح بأن ذلك ما جاء به جبرئيل حسب الحديث النبوي، فلا يبقى بعده مجال للمتأولين أمثال البخاري في أنه رأي محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو كسائر البشر والذي يخطئ لغيره، فالأولى للبخاري حينئذ أن يبعد هذه الرواية ويطرحها كليا من حسابه كما طرح غيرها.
فتراه يخرج في صحيحه في كتاب الصلح باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان بن فلان قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لعلي بن أبي طالب أنت مني وأنا منك في قضية اختصام علي وجعفر وزيد على ابنة