يفارق عمر حتى يواريه حفرته.
ولما كان الناس في عهد بني أمية يتسابقون في وضع الحديث بأمر من أمير المؤمنين معاوية الذي أراد أن يرفع قدر أبي بكر وعمر مقابل فضائل علي بن أبي طالب، فقد جاءت أحاديث الفضائل هزيلة مضحكة ومتناقضة في بعض الأحوال حسب هوى الراوي فمنهم التيمي الذي كان لا يقدم على أبي بكر أحدا ومنهم العدوي الذي لا يقدم على عمر أحدا، وبنو أمية الذين كانوا معجبين بشخصية ابن الخطاب الجرئ على النبي والفظ الغليظ الذي لا يتورع من شئ ولا يهاب شئ فكانوا كثيرا ما يمدحونه ويضعون الأحاديث التي تفضله على أبي بكر.
وإليك أيها القارئ بعض الأمثلة.
أخرج مسلم في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل عمر رضي الله تعالى عنه.
وأخرج البخاري في صحيحه من كتاب الإيمان باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال.
* عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي، وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره، قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟
قال: الدين.
وإذا كان تأويل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهذه الرؤيا، هو الدين فمعنى ذلك أن عمر بن الخطاب أفضل من كل الناس لأن الدين بالنسبة إليهم لم يبلغ إلى الثدي وما تجاوز الدين قلوبهم، بينما عمر ملئ بالدين من رأسه إلى أخمص قدميه وأكثر من ذلك فهو يجر الدين وراءه جرا. كما يجر القميص. فأين أبو بكر الصديق الذي يرجح إيمانه إيمان الأمة بأكملها؟