والوضاعون عندما لم يجدوا مواقف أو أحداث هامة تذكر لهما، تتخيل أوهامهم مثل هذه الفضائل، فيجئ أغلبها أحلاما وأوهاما وتأولات. لا تقوم على دليل تاريخي أو منطقي أو علمي، كما أخرج البخاري في صحيحه من كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم باب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو كنت متخذا خليلا.
ومسلم في صحيحه من كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
* عن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة فقلت: من الرجال؟ قال:
أبوها، قلت: ثم من، قال: عمر بن الخطاب فعد رجالا.
وهذه الرواية وضعها الوضاعون لما عرفوا أن التاريخ سجل في سنة ثمان من الهجرة (يعني سنتين قبل وفاته صلى الله عليه وآله وسلم) بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث جيشا فيه أبو بكر وعمر بقيادة عمرو بن العاص إلى غزوة ذات السلاسل، وحتى يقطعوا الطريق على من يريد القول بأن عمرو بن العاص كان مقدما في المنزلة على أبي بكر وعمر، تراهم اختلقوا هذه الرواية على لسان عمرو نفسه للإشادة بفضل أبي بكر وعمر وأقحموا عائشة حتى يبعدوا الشك من ناحية وحتى تحظى عائشة بأفضلية مطلقة من ناحية أخرى.
ولذلك ترى الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم يقول: هذا تصريح بعظيم فضائل أبي بكر وعمر وعائشة رضي الله عنهم، وفيه دلالة بينة لأهل السنة في تفضيل أبي بكر ثم عمر على جميع الصحابة.
وهذه كأمثالها من الروايات الهزيلة التي لم يتورع الدجالون لوضعها حتى على لسان علي بن أبي طالب نفسه ليقطعوا بذلك على زعمهم حجة