إن أزمة الفكر الإسلامي على مر الزمان إنما تكمن في هذه الروايات التي قام على أساسها وطوق بها وحالت بينه وبين المرونة والتجديد ومواكبة المتغيرات..
مثل هذه الروايات هي التي ولدت التصور الأوحدي لهذا الفكر ذلك التصور الذي يقوم على أساس الهيمنة الفكرية والاستعلاء العقائدي على الآخرين. فكون هذا الفكر قد نشأ في مناخ استبدادي خال من التيارات المنافسة قد ولد هذا الوضع لديه حالة من الاستعلاء والمثالية نابعة من تصور انحصار الحق في دائرته ذلك التصور الذي تفرخت منه فكرة الفرقة الناجية أو أهل الحق الذين يسمون أنفسهم أهل السنة والجماعة... (28) ولم يحدث طوال فترات التأريخ أن دخل أهل السنة أو ممثلو الفكر الإسلامي النابع من الخط الأموي في حوار مع التيارات الأخرى. فالحكومات لم تكن لتفسح الطريق لذلك..
من هنا يمكن القول إن الفكر السني لم يختبر حتى يتبين مدى صلاحيته ومواءمته للواقع ولذا فقد تأصلت فيه روح الاستبداد والتعصب وهذه هي أهم ملامحه التي انعكست عليه من الخط الأموي..
وعلى ضوء هذه الروايات أيضا نشأت فكرة الحكم الإلهي وتشبع بها هذا الفكر بحيث أصبحت إحدى مقوماته البارزة. فقد سقط هذا الفكر ضحية الروايات التي تقدس الحكام وتوجب طاعتهم وتلزم الأمة باتباعهم والصلاة والحج والجهاد من خلفهم وإن كانوا فجارا ومجرمين حتى تحولت هذه الفكرة إلى أصل من أصول الاعتقاد في الفكر السني (29)