الثالث: أن يكون قيما بأمر الحرب والسياسة وإقامة الحدود لا تلحقه رأفة في ذلك والذب عن الأمة.
الرابع: أن يكون من أفضلهم في العلم والدين. وقد روي عن أحمد ألفاظ تقتضي إسقاط اعتبار العدالة والعلم والفضل. فقال: ومن غلبهم بالسيف - أي المسلمين وحاكمهم - حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماما عليه برا كان أو فاجرا فهو أمير المؤمنين.
وروي عنه: فإن كان أميرا يعرف بشرب المسكر والغلول - أي سرقة الغنائم - يغزو معه وإنما ذاك له في نفسه.. (2) ويقول ابن تيمية عن أهل السنة والجماعة: يرون إقام الحج والجهاد والجمع والأعياد، مع الأمراء أبرارا كانوا أو فجارا.. (3) ويقول البيجوري: ونصب إمام عادل واجب على الأمة عند عدم النص من الله أو رسوله على معين وعدم الاستخلاف من الإمام السابق بخلافه. ولا يتحقق إلا بشروط خمسة: الإسلام والبلوغ والعقل والحرية وعدم الفسق. ثم إن هذه الشروط إنما هي في الابتداء وحالة الاختيار وأما في الدوام فلا يشترط. ولو تغلب عليها - الإمامة - شخص قهرا انعقدت له وإن لم يكن أهلا.. (4) ومن الواضع أن هذه الرؤى التي يجمع عليها فقهاء القوم إنما هي مشتقة من الواقع القبلي والواقع الأموي. وقد بنيت على أساس سلوك الخلفاء الثلاثة وسلوك معاوية ومن بعده من الخلفاء الذين اغتصبوا الحكم بالقوة وفرضوا أنفسهم على الأمة وإن لم تتوافر فيهم الشروط المطلوبة في الحاكم حتى ولو كانوا صبيانا أو عبيدا..
ولقد دفعت الأمة الثمن غاليا ولا زالت تدفع بسبب هذا الطرح السياسي الذي