السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ١٨٢
ولقد حدد الإمام علي نهجه في الحكم فور تسلمه السلطة بقوله: لم تكن بيعتكم إياي فلتة. وليس أمري وأمركم واحد. إني أريدكم لله وأنتم تريدونني لأنفسكم. أيها الناس أعينوني على أنفسكم وأيم الله لأنصفن المظلوم من ظالمه.
ولأقودن الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق وإن كان كارها.. (11) إن الإمام يوضح من خلال كلمته عدة حقائق وإشارات هامة حول صورة الحكم. فهو يوجه نقده لطريقة وصول أبي بكر للحكم مشيرا أن بيعته إنما تمت بإرادة المسلمين وحريتهم دون ضغوط كما حدث في أمر السقيفة. ثم هو يعلنها صراحة أنه سوف يضرب أصحاب المصالح والأهواء والقبليين الذين استثمروا الأوضاع السابقة لصالحهم وحققوا المكاسب على حساب المسلمين وبواسطة أنظمة الحكم السابقة..
ولقد أوضح الإمام الرؤية للمسلمين كحاكم بقوله: لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق وصلة رحم وعائدة كرم. فاسمعوا قولي وعوا منطقي عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم تنتضى فيه السيوف وتخان فيه العهود حتى يكون بعضكم أئمة لأهل الضلالة وشيعة لأهل الجهالة.. (12) والإمام بتوضيح هذه الرؤية للرعية إنما يضرب مثلا رائعا في الأمانة والمصارحة لهم في مواجهة الأحداث القادمة التي تهدد وحدة الأمة..
والإمام يرفض اغتصاب السلطة والاستسلام للأمر الواقع بقوله: أيها الناس إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه فإن شغب شاغب استعتب فإن أبى قوتل. ولعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتى تحضرها عامة الناس فما إلى ذلك سبيل ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها ثم ليس للشاهد أن يرجع ولا للغائب أن يختار.. (13)

(11) أنظر المرجع السابق خطبة رقم 134 / 339 (12) المرجع السابق خطبة رقم 137 / 344..
(13) المرجع السابق خطبة رقم 171 / 408..
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة