وأفسح له في البذل ما يزيل علته وتقل معه حاجته إلى الناس. ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارا ولا تولهم محاباة وأثرة. ثم أسبغ عليهم الأرزاق فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم. وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهله. ثم استوص بالتجار وذوي الصناعات وأوص بهم خيرا. ثم الله. الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم من المساكين والمحتاجين وأهل البؤس والزمنى - المرضى وأصحاب العاهات - وتفقد أمور من لا يصل إليك منهم. وتعهد أهل اليتيم وذوي الرقة في السن ممن لا حيلة له ولا ينصب للمسألة نفسه. واجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرغ لهم فيه شخصك وتجلس لهم مجلسا عاما.. فلا تطولن احتجابك عن رعيتك فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق وقلة علم بالأمور. والزم الحق من لزمه من القريب والبعيد وكن في ذلك صابرا محتسبا. وإن ظنت الرعية بك حيفا - ظلما - فأصحر - أظهر - لهم بعذرك وأعدل عنك ظنونهم بإصحارك. ولا ترفضن صلحا دعاك إليه عدوك ولله فيه رضا. وإن عقدت بينك وبين عدوك عقدة أو ألبسته منك ذمة فحط عهدك بالوفاء وارع ذمتك بالأمانة. وإياك والدماء وسفكها بغير حلها. وإياك والإعجاب بنفسك والثقة بما يعجبك منها وحب الاطراء. وإياك والعجلة بالأمور قبل أوانها.. (15).
ولا شك أن هذه الأسس التي حواها عهد الإمام للأشتر لا وجود لها في واقع الدول التي سادت من بعد صفين. ولا وجود لها في سلوك الحكام ومواقفهم أولئك الحكام الذين باركهم الفقهاء وطالبوا المسلمين بالصلاة والحج والجهاد من خلفهم.. (16) ولقد أبرز لنا الإمام من خلال سلوكه ومواقفه ملمحا هاما وخاصية فريدة يجب