ويؤكد الإمام من خلال قوله هذا أيضا رفضه لبيعة الحكام في معزل عن الجماهير كما وقع مع الخلفاء الثلاثة من قبله وكما وقع للمسلمين من بعده..
لقد رفع الإمام شعار العدل في وجه الظالمين ومغتصبي حقوق المسلمين وفي وجه أقارب عثمان وقام بمصادرة ممتلكاته وقطائعه التي ملكها بأموال المسلمين والتي وزعها على أقاربه وأعوانه..
يقول الإمام عن عثمان وقطائعه: والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الإماء لرددته فإن في العدل سعة ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق.. (14) وفي عهد الإمام علي لمالك الأشتر حين وجهه إلى مصر ملامح نظرية الحكم الإسلامي على نهج النبوة وأسس دستور يحقق العدل والاستقرار والأمن والتقدم للأمة..
يقول الإمام لمالك بعد أن أمره بطاعة الله وتقواه:.. وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم ولا تكون عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم.. أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك وممن لك فيه هوى من رعيتك فإنك إلا تفعل تظلم ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده. وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق وأعمها في العدل وأجمعها لرضا الرعية فإن سخط العامة يجحف برضا الخاصة وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضا العامة. وليكن أبعد رعيتك منك وأشنأهم عندك - أبغضهم - أطلبهم لمعائب الناس. وإن شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا ومن شركهم في الآثام فلا يكونن لك بطانة. وألصق بأهل الورع والصدق. ولا يكونن المحسن والمسئ عندك بمنزلة سواء. وأعلم أنه ليس شئ بأدعى إلى حسن ظن راع رعيته من إحسانه إليهم وتخفيفه المؤونات عليهم.، ولا تنقضن سنة صالحة عمل بها صدر هذه الأمة واجتمعت به الألفة وصلحت عليه الرعية. وأكثر مدارسة العلماء ومناقشة الحكماء في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك. وأعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض ولا غنى ببعضها عن بعض. ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك. ثم أكثر تعاهد قضائه