ومثل هذا الموقف إنما هو نابع من التصور الأحادي الذي يجعلهم يتصورون كل ما يخرج عن دائرتهم ودائرة إسلامهم هو الباطل والضلال المبين. فمن ثم يحق للحاكم أن يقتل وأن ينهب وأن ينتهك الحرمات ما دام كل ذلك يجري في دائرة المخالفين.
وإن أهم انعكاسات الخط الأموي على فكرة الدولة وشكلها ومقوماتها إنما يتمثل في اعتماد الفقهاء لثلاثة صور لقيام الحكم في الإسلام هي مستنبطة من واقع حكم الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان..
الصورة الأولى: الشورى من خلال أهل الحل والعقد وهي مستنبطة من السقيفة ومن فعل أبي بكر وفعل عمر حين أوصى بالستة..
الصورة الثانية: الوصية وهي مشتقة من فعل أبي بكر حين أوصى لعمر وقد مهدت هذه الفكرة لقيام الملكية فيما بعد..
الصورة الثالثة: ولاية العهد وهي مستنبطة من سلوك معاوية وحكام بني أمية وبني العباس وقد أضفت هذه الصورة المشروعية على نظم الحكم الملكية التي قامت في بلاد المسلمين طوال فترات التاريخ..
يقول القاضي أبو يعلى عن كيفية اختيار الحاكم: وهي فرض على الكفاية مخاطب بها طائفتان من الناس إحداهما: أهل الاجتهاد حتى يختاروا.
والثانية: من يوجد فيه شرائط الإمامة حتى ينتصب أحدهم الإمامة.
أما أهل الاختيار فيعتبر فيهم ثلاثة شروط أحدها:
العدالة. والثاني: العلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة.
والثالث أن يكون من أهل الرأي والتدبير المؤديين إلى اختيار من هو للإمامة أصلح..
وأما أهل الإمامة فيعتبر فيهم أربع شروط. أحدها: أن يكون قرشيا من الصميم وقد روى أحمد: لا يكون من غير قريش خليفة.
الثاني: أن يكون على صفة من يصلح أن يكون قاضيا: من الحرية والبلوغ والعقل والعلم والعدالة.