وحدهم. فهم الذين وجه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الأمة لتتلقى الدين منهم بعد وفاته (14)..
وعندما تمنح العدالة لسواهم فإن هذا يعني أن الأجيال المسلمة سوف تلتبس عليها حقيقة الدين وسط هذا الكم من الصحابة المختلفين الذين يتحدثون بلسان الرسول والذين هم عدول في نظرها وبالتالي يسهل على الحكام خصوم آل البيت وفقهاؤهم أن يستقطبوهم. وهو ما حدث على مر التاريخ الإسلامي..
لقد نشأت أجيال لا تعرف من هم آل البيت. ولا تعرف سوى الصحابة وأنهم عدول ومصدر تلقي الدين. وما كان ذلك إلا نتيجة لاختراع فكرة العدالة..
ومن هنا تبرز لنا أهمية هذه الفكرة وخطورتها على الدين إذ انبنى عليها دينا آخر يقوم على أساس روايات رجال مشبوهين. وأن التحرر من هذه الفكرة مقدمة ضرورية لمعرفة الدين الحق الذي يقوم على النصوص..
وعلى الرغم من محاولات القوم المستميتة للدفاع عن الصحابة وإظهارهم بمظهر العدول فقد أفلتت بعض الروايات في كتب القوم التي تناقص هذا المفهوم وتكشف أن هناك انحرافا بل وردة وقعت من قبلهم بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)..
يروي البخاري: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يرد على الحوض رجال من أصحابي فيحالون عنه. فأقول يا رب أصحابي؟ فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك أنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى (15)..
وفي رواية: فأقول سحقا. سحقا لمن غير بعدي (16).
ويقول القسطلاني: أي غير دينه. لأنه لا يقول في العصاة بغير الكفر سحقا سحقا. بل يشفع لهم ويهتم بأمرهم كما لا يخفى (17)..
ويروي البخاري أنه قيل للبراء بن عازب: طوبى لك صحبت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبايعته تحت الشجرة. فقال: يا ابن أخي أنت لا تدري ما أحدثنا بعده (18)..