ويتبنى الفقهاء نفس النهج مع بقية الأحاديث المتعلقة بعلاقة الرسول مع نسائه فهم يركزون على تخريج الأحاديث وشرحها ورفع الإشكالات من حولها دون أن يحاولوا المساس بالمتن الذي لا يجوز نقده أو الطعن فيه ما دام السند صحيحا..
ومثل هذه الرؤية التي هي محل إجماع الفقهاء والمحدثين إنما فتحت الأبواب لاضطهاد العقل وتكبيله بنصوص منسوبة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يجوز الاعتراض عليها أو تجاوزها. كما فتحت الأبواب أمام الأمة كي تتعبد بها وتبني على أساسها الكثير من المعتقدات التي أسهمت وما زالت تسهم في تأخر المسلمين وتقوية الحكام..
إن حصر نقد الحديث في دائرة السند فقط إنما هي مؤامرة على العقل وعلى الإسلام. وحتى نقد السند وضعت له قواعد خاصة تفوح منها رائحة السياسة لا تتيح للناقد ضرب الحديث أو الطعن فيه إلا ضمن حدود ضيقة (24)..
وهؤلاء الفقهاء إنما بنوا موقفهم من هذه الأحاديث وغيرها من الأحاديث المتعلقة بشخص الرسول على أساس رؤيتهم لمسألة العصمة. فهم يرون أن الرسول معصوم فقط في حدود التبليغ وما دون ذلك فهو غير معصوم. وعلى ضوء هذا التصور يمكن تبرير سلوكيات الرسول مع نسائه على أنها سلوكيات تتعلق بالجانب البشري من شخصه ولا تأثير لها على الجانب النبوي (25)..
من هنا فهم لا يجدون حرجا من أن يرووا على لسان الرسول نفسه أنه كان ينظر إلى النساء بشهوة حتى تقع المرأة في نفسه..
يروي مسلم: أن رسول الله رأى امرأة. فأتى امرأته زينب وهي تهمس فيئة لها فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه فقال: إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه (26)..
ومثل هذا الحديث لا يحتاج إلى تعليق سوى أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد هان في نظر القوم وأصبحت تتحكم فيه شهوته إلى الدرجة التي تدفعه إلى مواقعة زوجته في وضح النهار وبعلم أصحابه ثم يخرج للناس مبررا فعله هذا بأن المرأة التي وقع عليها بصره أثارته..