هؤلاء الفقهاء وأمثالهم. لكنهم جعلوا هؤلاء الفقهاء وسيلتهم لفهم هذه النصوص وبالتالي جعلوا أنفسهم رهينة لخط محدد هو الخط الذي رسمه الحكام بمعونة هؤلاء الفقهاء (4)..
من هنا فإن التحرر من هذا الخط هو الخطوة الأولى للوصول إلى الحق. ولن يتحقق هذا التحرر إلا عن طريق النصوص. فهذه النصوص هي التي سوف تحدد لنا القدوة الحسنة التي يجب أن نتبعها ونتلقى منها ديننا من القدوة السيئة التي من الممكن أن نسقط في حبائلها فيما لو نحينا النصوص جانبا وعطلنا العقل..
وعندما تحدد النصوص من هم القدوة ومصدر التلقي تحسم القضية وينتهي الخلاف ويتوجب الالتزام. فهذه القدوة سوف تكون مناط الحق والمعبرة عنه والناطقة بلسانه..
ومن خلال بحثي وتأملاتي تبين لي أن هناك قدوة سيئة سادت الأمة من بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) ومنها برزت جميع الأطروحات التي موهت على حقيقة الإسلام وزيفت النصوص وحجبت بأقوالها وتفسيراتها حقيقتها عن الأمة. وبالتالي أسهمت في تمكين الباطل وإضعاف الحق واختراع سبل متفرقة أضلت الأمة عن سبيل الله..
وعندما يتم الكشف عن القدوة الحقة سوف تتضح أمامنا القدوة الباطلة والحكم في ذلك إنما يكون للنصوص وليس للرجال..
وتبرز لنا أهمية القدوة وكونها قضية مصيرية حين يتبين لنا أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو خاتم الرسل وأن هذا الختم يفرض وجود قدوة حسنة تحفظ الدين من بعده وتسد الفراغ الذي أحدثه غيابه في واقع الأمة. وهذه القدوة يجب أن تتوافر بها مؤهلات خاصة لتأدية هذه المهمة تميزها عن الآخرين حتى لا يقع النزاع وتستقطب الأمة قدوات أخرى تقودها نحو الباطل..
وقد شغلتني هذه المسألة كثيرا أو شكلت حيرة كبيرة بالنسبة لي. في وسط هذه الحيرة كانت هناك تساؤلات كثيرة لا أجد لها إجابة في الأطروحة أو في التراث الذي بين أيدينا أول هذه التساؤلات كان في تحديد ماهية الحق بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟.