ومواقفها تجاه الواقع والحكام. هذه المواقف والأحاديث التي استندت عليها كانت السبب المباشر في إخفاق الحركة في مواجهة الواقع وسقوطها فريسة سهلة في قبضة القوى الحاكمة المتربصة. وهي أيضا من الأسباب المباشرة في تميع فكرة الحاكمية وتذبذبها لدى التيارات الإسلامية اليوم.. (14) لقد توطن في نفسي أمر رفض هذه الأحاديث والروايات المتعلقة بالحكام وانبنى على هذا الرفض نبذ أقوال فقهاء السلف وتفسيراتهم لهذه النصوص وبالتالي نبذ مواقفهم من حكام زمانهم مما مهد الطريق لنبذهم بالكلية فيما بعد..
ولا شك أن مثل هذا الأمر كان من الصعب بل ومن الخطورة الجهر به في تلك الفترة وكان أقل ما يمكن أن يحدث لي هو منحي رتبة كافر أو زنديق.
إلا أنني حاولت نقد هذه النصوص وضربها بصورة لا تثير الشك ولا تدفع إلى نبذي آنذاك وهذه الصورة تمثلت في معارضة هذه النصوص بنصوص أخرى واردة على لسان الرسول (صلى الله عليه وآله) وتقول بعكس ما تقول هذه النصوص التي تقول بوجوب طاعة الحكام وهي النصوص التي تقول بوجوب الخروج عليهم والتي لم يجد هؤلاء الفقهاء من حل في مواجهتها سوى العمل على تقييدها.. (15) ولعل أبرز صورة للتخبط والحيرة التي سببتها هذه النصوص للحركة الإسلامية تجلت في تيار الجهاد بمصر ذلك التيار الذي عجز عن اتخاذ الموقف الشرعي من نظام السادات والحكم عليه بالكفر البواح وتاه بين مقولات السلف وتفسيراتهم لهذه النصوص حتى اهتدى لفتوى ابن تيمية الخاصة بوجوب قتال معطلي الشرائع فبنى عليها موقفه من السادات وقام بتطبيقها عليه خاصة بعد أن أعلن علمانيته وهاجم الحجاب وأظهر عداءة للتيار الإسلامي في أواخر عهده.. (16) وكأن القوم كانوا ينتظرون من السادات أن يعلن الكفر البواح حتى يعلنوا الخروج عليه ويقرروا استباحة دمه. أو بمعنى أدق كانوا يريدون تطبيق قواعد السلف حول مسألة الخروج وجهاد الحاكم على السادات حتى ينفوا عن أنفسهم الحرج الشرعي..
إن القاتل الحقيقي للسادات هو ابن تيمية ولم يكن خالد الإسلامبولي سوى