النسفية والعقيدة السلفية. والعقيدة الحموية. والعقيدة الواسطية..؟ (19).
أليست هذه التسميات تشبه تسميات النصارى لأناجيلهم المختلفة: إنجيل متى. وإنجيل لوقا. وإنجيل يوحنا. وإنجيل مرقس وخلافه..؟ (20).
لقد خرجت من هذه التأملات بنتيجة مفادها أن جميع هذه الأمور لا صلة لها بالعقيدة وأن العقيدة الحقيقية هي شئ آخر غير هذه المفاهيم والأطروحات التي لا تخرج عن كونها أطروحات فرضتها السياسة وباركها الفقهاء (21).
إلا أن هذه النتيجة لم ترح عقلي فقد كنت أشك أن هناك سرا أو دافعا قويا وراء حشو كتب العقائد بمثل هذه الأمور..
وهذا التفسير كما هو واضح لا يحسم الأمر ويرجح كفة أهل السنة. ففضلا عن كون هذا الحديث (22) هو الدليل الوحيد الذي يتمسكون به لإثبات هذا الادعاء.
فهو من جهة أخرى ظني الدلالة ولا يفيد معنى قطعيا من هذه المسألة.. (23) وإن صح التسليم بمنطق أهل السنة فهذا يعني كفر جميع الفرق الأخرى.
وانحصار الحق في دائرتهم. وهذا أمر يرفضه العقل فهم لا يتميزون عن الآخرين بشئ وما يطرحونه لا يخرج عن كونه اجتهادا يحتمل الخطأ والصواب.. (24) ولقد كانت كتب العقائد تزكي في نفوس الشباب مفهوم أهل السنة للفرقة الناجية مما كان يدفع بهؤلاء الشباب إلى الاستسلام المطلق لأطروحتهم وقبول محتوياتها دون قيد أو شرط وقد عشت طويلا في هذا الوهم حتى هداني عقلي إلى التحرر منه بفضل الله تعالى..
إن فكرة الفرقة الناجية لم تكن لتتوافق مع اتجاه يوالي بني أمية وبني العباس وغيرهم من الحكام أصحاب التاريخ المسطر بدماء المسلمين..
ولم تكن لتتوافق مع فقهاء يبررون مواقف وممارسات هؤلاء الحكام (25)..
لم تكن لتتوافق مع أناس يهينون الرسول ويفضحونه (26)..
وكيف يقبل العقل وتستريح النفس إلى أن شخصا مثل يزيد بن معاوية يمكن أن يكون من الفرقة الناجية..؟
إن قوما بهذه العورات يغرقون في هذه الانحرافات لا يمكن أن يكونوا من