وفي غيبة العقل برره الفقهاء..
في غيبة القرآن أصبح التراث هو الدين..
وفي غيبة العقل بارك الفقهاء هذا التراث..
في غيبة القرآن والعقل أصبحنا أسارى للحاكم ولفقه الماضي..
إن تحكيم القرآن والعقل في دائرة الأطروحة الشيعية قد منحها القدرة على تجديد محتوياتها ومواكبة الواقع والمتغيرات. بينما بقيت الأطروحة السنية جامدة منغلقة لرفضها الخضوع لحكم القرآن والعقل مما ولد قداسة غير مباشرة لجميع محتوياتها وفي مقدماتها كتب الأحاديث خاصة كتابا البخاري ومسلم اللذان حظيا بقداسة خاصة من دون الكتب الأخرى..
في الوسط السني يشهر سلاح التكفير في وجه أية محاولة للمساس بروايات البخاري ومسلم وقد حاول بعض عقلاء القوم نقد أحاديث سحر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الواردة في البخاري فلاقى من التهديد والوعيد وأحكام الزيغ والضلال ما دفع بهم إلى التراجع. وقد قامت جامعة الأزهر بفصل واحد من مدرسيها بسبب خوضه في بعض هذه الأحاديث وإنكاره لها..
ويرفض أهل السنة تحكيم القرآن في الأحاديث كما أشرنا سابقا. وهم بهذا يبتدعون قاعدة خطيرة تنزل الرواية منزلة القرآن. إذ يعتمدون الحديث ولو خالف القرآن ما دام صحيحا حسب قواعدهم. وكأنهم أيضا أنزلوا هذه القواعد منزلة النصوص. ولو كان للعقل دور عندهم لنبذت مثل هذه القواعد والآراء..
من هنا فقد تميز الطرح الشيعي بهذه القاعدة: قاعدة تحكيم القرآن والعقل واحترامه ومنحه الدور الشرعي الذي أوجبته نصوص القرآن. وسرني تطبيق هذه القاعدة على كتب الحديث وجميع ما ورد من أقوال وروايات عن الرسول أو أئمة آل البيت أو فقهاء الشيعة (3).