الخدعة ، رحلتي من السنة إلى الشيعة - صالح الورداني - الصفحة ١٤٩
تناقضها..
إلا أن القوم على الرغم من موقفهم هذا نطق لسانهم بما يفيد الشبهة فيهم.
فقد لاحظت أنهم يطلقون لفظة " إمام " على علي وحده من دون بقية الصحابة.
ثم أنهم يدعون أن الإمام عليا قام بتحريق أناس قالوا بألوهيته. وكنت كلما مررت على هذين الأمرين تساءلت: لماذا يطلق القوم هذه اللفظة على الإمام خاصة.
ولماذا قال هؤلاء بألوهية الإمام دون غيره؟..
إن الإجابة على هذين السؤالين قد كلفتني الكثير من الوقت في البحث والتأمل حتى اهتديت أن هناك من النصوص ما يعطي للإمام علي خاصية ترفعه فوق الجميع. وأن هذه الخاصية كان يتنزل بها القرآن ويبشر بها الرسول. وهذه الخاصية هي الطهارة من الرجس لتسلم مهمة الإمامة من بعد الرسول. وهذا هو ما توارثه القوم عن علي وحجبته السياسة وما بقي منه سوى وصفهم له بالإمام.
وهذا هو ما دفع بالبعض للقول بألوهيته لما يرون من تحقق المعجزات على يديه.
إن سلمنا بصحة هذه الرواية (4)..
إن القوم لم يخبرونا لماذا أله علي؟ فهم على الرغم من تبنيهم هذه الرواية لا يقصدون من ورائها سوى الطعن في شيعة الإمام ونبذ أي تصور يطرأ على ذهن المسلم حول خصوصيته وكأنهم يريدون أن يثبتوا من وراء هذه الرواية أن الإمام كان يبارك الخط السائد وأن من حاول الانشقاق عن هذا الخط ومنحه خصوصية تميزه عن القوم فقد أحرقه بيده. فدعوى ألوهية الإمام قضي عليها في مهدها على يده ولم تظهر بعدها أية دعاوى أخرى لتمييز الإمام أما الشيعة هؤلاء ففرقة مختلقة لا أصل لها ويقف من ورائها أعداء الإسلام (5)..
ثم إن القوم بعد هذا لا يذكرون الإمام إلا ويقولون كرم الله وجهه. وعندما سألت عن معنى هذه الكلمة قالوا: إنه لم يسجد لصنم بينما جميع الصحابة قد وقعوا في هذا. فقلت في نفسي إن هذه الخاصية التي جاءت على لسان القوم إنما تؤكد مكانة الإمام وموقعه الشرعي كما أكدته رواية ادعاء ألوهيته ونعتهم له بالإمام..
لقد استفزتني كثيرا تلك المكانة المتواضعة جدا التي يضع أهل السنة فيها الإمام عليا

(4) - روى البخاري في باب حكم المرتد والمرتدة: أتي علي بزنادقة فأحرقهم. فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تعذبوا بعذاب الله.
ولقتلتهم لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من بدل دينه فاقتلوه.. ورواه أحمد في مسنده (ج 1 / 217). ومن الواضح أن هذه الرواية تضرب عليا بابن عباس. وتشكك في فقه علي وعلمه. فهل يعقل أن يجهل علي حكما صريحا بالنهي وارد عن الرسول؟ وهل ابن عباس أفقه من علي؟.
(5) - اخترع القوم شخصية تحت اسم " عبد الله بن سبأ " يهودي الأصل. وربطوها بالشيعة بهدف التشكيك في أطروحتهم وتاريخهم. أنظر كتب التاريخ. وكتاب عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى للسيد مرتضى العسكري. ولا يزال القوم يلصقون ابن سبأ بالشيعة حتى اليوم. أنظر كتاب السبئية والسبئيون.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 145 146 147 148 149 150 151 152 153 155 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 أول الطريق 9
3 تشريح الواقع 12
4 الاخلاق 14
5 رحلات 17
6 هوامش 20
7 التحرر من الماضي 21
8 تيار التكفير 24
9 فكرة الحاكمية 26
10 كبت العقائد 29
11 الفرقة الناجية الاتباع 31
12 هوامش 34
13 الدين و التراث 37
14 ما هو الدين؟ 40
15 ما هو التراث 42
16 الحق و الباطل 44
17 التراث السني و التراث الشيعي 49
18 هوامش 52
19 رحلة الشك 53
20 بنو أمية 56
21 هوامش 61
22 التأويل و التبرير 63
23 هوامش 70
24 الرسول و النساء 73
25 هوامش 79
26 علم الحديث 81
27 هوامش 90
28 الصحابة 93
29 هوامش 99
30 الاجتماع 101
31 هوامش 107
32 تضخيم الرجال 109
33 تجريح الامام علي 112
34 العشرة المبشرون بالجنة 115
35 هوامش 122
36 عمر 125
37 هوامش 132
38 عثمان 135
39 هوامش 142
40 الطرح الشيعي 143
41 القرآن و العقل 146
42 الامام علي 148
43 الاجتهاد 150
44 هوامش 153
45 إشكاليتان 155
46 مكمن الإشكالية 157
47 مسالة العصمة 162
48 الغيبة 165
49 هوامش 171
50 بعد التشيع 173
51 الشخصية المصرية 176
52 مع حركة التشيع 184
53 هوامش 187
54 القرآن 189
55 جمع القرآن 191
56 مصاحف الصحابة 196
57 ترتيب القرآن 202