قرأت على مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر، أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري، وعبد الله بن زيد هو الذي كان أري النداء بالصلاة أخبره عن أبي مسعود الأنصاري قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نسلم عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا: (اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم) (1).
ويقول الإمام النووي في (شرح صحيح مسلم) (باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد): - إعلم أن العلماء اختلفوا في وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، عقب التشهد الأخير في الصلاة، فذهب أبو حنيفة ومالك، رحمهما الله تعالى، والجماهير، إلى أنها سنة، لو تركت صحت الصلاة.
وذهب الشافعي وأحمد، رحمهما الله تعالى، إلى أنها واجبة، لو تركت لم تصح الصلاة، وهو مروي عن عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، رضي الله عنهما، وهو قول الشعبي، وقد نسب جماعة الشافعي في هذا إلى مخالفة الإجماع، ولا يصح قولهم، فإنه مذهب الشعبي، كما ذكرنا، وقد رواه عن البيهقي.
وفي الاستدلال على وجوبها خفاء، وأصحابنا يحتجون بحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، المذكور هنا، أنهم قالوا: كيف نصلي عليك يا رسول الله، فقال: قولوا: اللهم صل على محمد - إلى آخره.. قالوا:
والأمر للوجوب، وهذا القدر لا يظهر الاستدلال به، إلا إذا ضم إليه الرواية الأخرى: كيف نصلي عليك، إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا، فقال صلى الله عليه وسلم: