ورواه الإمام الشافعي في مسنده عن أبي هريرة بمثله، ومن هنا ذهب الإمام الشافعي إلى أنه يجب على المصلي، أن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، في التشهد الأخير، فإن تركه لم تصح صلاته.
هذا وقد شرع بعض المتأخرين من مالكية وغيرهم يشنع على الإمام الشافعي في اشتراطه ذلك في الصلاة ويزعم أنه قد تفرد بذلك، وحكى الإجماع على خلافه الأئمة أبو جعفر الطبري والطحاوي والخطابي وغيرهم، فيما نقله القاضي عياض عنهم.
ويقول الحافظ ابن كثير: وقد تعسف هذا القائل في رده على الإمام الشافعي، وتكلف في دعواه الإجماع في ذلك، وقال ما لم يحط به علما، فإنا قد روينا وجود ذلك، والأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما هو ظاهر الآية - ومفسر بهذا الحديث عن جماعة من الصحابة، منهم ابن مسعود، وأبو مسعود البدري، وجابر بن عبد الله، ومن التابعين الشعبي والإمام أبو جعفر محمد الباقر، ومقاتل بن سليمان، وإليه ذهب الشافعي، لا خلاف عنه في ذلك، ولا بين أصحابه أيضا، وإليه ذهب الإمام أحمد بن حنبل - فيما حكاه عنه أبو زرعة الدمشقي به - وبه قال إسحاق بن راهويه، والإمام الفقيه محمد بن إبراهيم - المعروف بابن المواز المالكي - رحمهم الله، حتى أن بعض أئمة الحنابلة أوجب أن يقال في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، كما علمهم أن يقولوا، لما سألوه، وحتى أن بعض أصحابنا أوجب الصلاة على آله - فيما حكاه البندنيجي وسليم الرازي، وصاحبه نصر بن إبراهيم المقدسي - ونقله إمام الحرمين، صاحبه الغزالي، قولا عن الإمام الشافعي، والصحيح أنه وجه، على أن الجمهور على خلافه، وحكوا الإجماع على خلافه، وللقول بوجوبه ظواهر الحديث - والله أعلم.
والغرض أن الإمام الشافعي، رضي الله عنه، يقول بوجوب الصلاة على