دبيس وغيره: سنة إحدى وستين وقيل: اثنتين وستين، وهو أكثر ما قيل. فعلى هذا: الراجح في متوفى داود سنة ستين أو إحدى وستين أو اثنتين وستين، فيكون سن الإمام الرضا إذ ذاك ثمان سنين أو تسعا أو عشرا، فكيف يتصور أن يكون معروف قد أسلم على يديه، ثم أتى داود، واستند إليه.
قلت: ماذا الذي فيه يستبعد؟ فقد علم من رواية ابن الجوزي وغيره: أنه كان معروف قد ناداه الله تعالى بالاجتباء في الصباء، حتى كان يرد قول المؤدب له: أب وابن ثالث ثلاثة، فيقول: بل هو الله الواحد القهار أحد أحد، حتى هرب إذ ضرب المؤدب، وغاب سنين، فكيف لا يتصور أن يكون باجتباء الله إياه قد علم فراسة من نور الله: أن الإمام الرضا قد آتاه الله تعالى صبيا الحكمة والمعرفة، فإنه شعبة من شجرة الاجتباء والاصطفاء والارتضاء، وعلم أنه على يديه يستخرج ويستكمل أمره، وألهم ذلك من الله تعالى، كما ألهم التوحيد قبل ذلك. فأتى الإمام الرضا، وأحكم الإسلام على يديه، ثم لما رجع لقى بالكوفة الإمام داود، واستفاد منه أشياء، فلما توفي الإمام داود إلى رحمة الله تعالى، ومعروف لم يكمل أمره، وسمع نصيحة بعض أصحاب داود، وموعظة ابن السماك، فعاد إلى المولى الرضا، ولازم خدمته، واستفاد منه، إلى أن فاز بالمراد والإرشاد والرشاد من الله الهاد.
(وإنما نقل عنه الأخذ عن بكر بن خنيس العابد الكوفي).
وفي القشيرية قال معروف الكرخي: قال لي بعض أصحاب داود الطائي:
إياك أن تترك العمل. ولا يخفى أنه لا يقتضي أن لا يكون معروف قد روى عن داود مشافهة.
(وفي إسناد الخرقة أيضا أن داود الطائي صحب حبيبا العجمي، وهذا لم يعرف له حقيقة).