قلت: وأطال ابن النجار في ترجمته والثناء على علمه ودينه، وروى بإسناده حكاية مبسوطة ذكر أنه عبر بها من العجمي إلى العربية حاصلها:
إن الطالقاني حكى عن نفسه أنه كان بليد الذهن في الحفظ، وأنه كان عند الإمام محمد بن يحيى في المدرسة، وكان من عادة ابن يحيى أن يستعرض الفقهاء كل جمعة ويأخذ عليهم ما حفظوه، فمن وجده مقصرا أخرجه، فوجد الطالقاني مقصرا فأخرجه، فخرج في الليل وهو لا يدري أين يذهب، فنام في أتون حمام، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم، فتفل في فمه مرتين، وأمره بالعود إلى المدرسة، فعاد ووجد الماضي محفوظا واحتد ذهنه جدا، قال: فلما كان يوم الجمعة، وكان من عادة الإمام محمد بن يحيى أن يمضي إلى صلاة الجمعة في جمع من طلبته، فيصلي عند الشيخ عبد الرحمن الإسكاف الزهد، قال: فمضيت معه، فلما جلس مع الشيخ عبد الرحمن تكلم الشيخ عبد الرحمن في شئ من مسائل الخلاف، والجماعة ساكتون تأدبا معه، ولصغر سني وحدة ذهني جعلت أعترض عليه وأنازعه، والفقهاء يشيرون إلي بالإمساك وأنا لا ألتفت، فقال لهم الشيخ عبد الرحمن: دعوه فإن هذا الذي يقوله ليس هو منه إنما هو من الذي علمه، قال: ولم يعلم الجماعة ما أراد وفهمت وعلمت أنه مكاشفة.
قال ابن النجار: وقيل إنه كان مع كثرة اشتغاله يدوام الصيام، يفطر كل ليلة على قرص واحد.
وحكي أنه لما دعي إلى تدريس النظامية جاء بالحلقة وحوله الفقهاء وهناك المدرسون والصدور والأعيان، فلما استقر على كرسي التدريس ودعا دعاء الختمة، التفت إلى الجماعة قبل الشروع في إلقاء الدرس وقال: من أي كتب درس التفاسير تحبون أن أذكر؟ فعينوا كتابا، فقال: من أي سورة