ونصر أحزابهم، وأسس بنيانهم ولاط جدرانهم، واقتفى شنيع آثارهم وخاض هائل غمارهم وجاس خلال ديارهم، وسار بسيرهم وشبع من ميرهم وسكن في ديرهم وضار بضيرهم.
لم يعض على النقد والسبر بضرس قاطع، ولم يستضئ من الإدراك والتأمل بمنار ساطع، ولا استعان من الإصابة والتدرب بوجه شافع، ولا استظهر من الإنصاف والتمييز بمنجد نافع، ولا استذرى من المواعظ والزواجر والرقائق القوارع إلى ناجه ناجع، رقص بإنكار الواضحات رقص الجمل، وليس له في التحقيق والتنقيد ناقة ولا جمل.
إذا هتف به داعي الحق جعل في أذنه وقرا، وإذا أهاب به منادي الصدق أبدى عجرفة وغدرا ومكرا، يسلك في هدم قواعد الدين فنونا، ويبالغ في طمس معاهد اليقين مجونا.
إخترع للرد والإبطال والإخمال لفضائل الآل - عليهم سلام الملك المتعال - طرائق قددا، وابتعد لإطفاء نور الحق أعاليل بأضاليل بغيا وحسدا، إذا سمع فضيلة حقانية ورواية نورانية يدور عينه كأنه من الموت في غمرة، ومن الذهول في سكرة، ينفخ أوداجه وترتعد فرائصه ويزيد غيظه ويكبر حنقه، ويبدي فظائع شبهات وهواجس، لا يزعه من الاقتحام في الزلل وازع ولا يردعه عن المكابرة من الحياء رادع.
قد أقحم أتباعه في طخية عمياء، وركب بهم متن عشواء وزرع في قلوبهم صنوف الإحن والبغضاء، وأورثهم أقسام الترات والوغر والشحناء، وشحن صدورهم غيظا وحنقا، وسقى أجوافهم آجنا رنقا، وقرر لهم في التلميع قواعد وقوانين، وأحدث من الخدع حيلا وأفانين.
ومن عجائب التهافت والتنافر، وغرائب التناقض والتناكر: أن (الدهلوي) الماهر، وكذا الكابلي الفاخر، ومن ماثلهما من أسلافهما الأكابر، مع هذا الجد والجهد والكدح والانهماك، والغرام والوله والشغف والارتباك في إرادة إطفاء