وروى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدائني (1) في كتاب (الأحداث) قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته.
فقالت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرأون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي، فاستعمل عليه زياد بن سمية وضم إليه البصرة، وكان يتبع الشيعة - وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي - فقتلهم تحت كل حجر ومدر، وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل، وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشردهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم.
وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق أن لا يجيزوا لأحد من الشيعة علي وأهل بيته الشهادة.
وكتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل بيته، والذي يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم، واكتبوا إلى بكل ما يروي رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته.
ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه، لما كان يبعثه إليه معاوية من الصلات والكساء والجبات والقطائع، ويفيضه في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك في كل مصر، وتنافسوا في المنازل والدنيا، فليس يجئ