يقتلهم تحت كل حجر ومدر، ويطلبهم في كل سهل وجبل، حتى سلط عليه أحب الناس إليه، فقتله كما قتل الناس في طاعته، وأخذ الناس في بيعته، ولم ينفعه أن أسخط الله برضاه وأن ركب ما يهواه.
وحلت من الدوانيقي الدنيا، فخبط فيها عسفا، تقصى فيها جورا وحيفا، إلى أن مات وقد امتلأت سجونه بأهل بيت الرسالة ومعدن الطيب والطهارة، قد تتبع غائبهم وتلقط حاضرهم، حتى قتل عبد الله بن محمد بن عبد الله الحسني بالسند، على يد عمر بن هشام بن عمر التغلبي، فما ظنك بمن قرب تناوله عليه ولان مسه على يديه.
وهذا قليل في في جنب ما قتله هارون منهم، وفعله موسى قبله بهم، فقد عرفتم ما توجه على الحسين بن علي بفخ من موسى، وما اتفق على علي بن الأفطس الحسيني من هارون، وما جرى على أحمد بن علي الزيدي، وعلى القاسم بن علي الحسني من حبسه، وعلى علي بن غسان الخزاعي حين أخذ من قبله. والجملة: إن هارون مات وقد قصر شجرة النبوة واقتلع غرس الإمامة.
وأنتم - أصلحكم الله - لستم أعظم نصيبا في الدين من الأعمش فقد أخافوه، ومن علي بن يقطين فقد اتهموه.
فأما في الصدر الأول فقد قتل زيد بن صوحان العبدي، وعوقب عثمان ابن حنيف الأنصاري، وأقصي حارثة بن قدامة السعدي، وجندب بن زهير الأزدي، وشريح بن هاني المرادي، ومالك بن كعب الأرحبي، ومعقل بن قيس الرياحي، والحارث بن الأعور الهمداني، وأبو الطفيل الكناني، وما فيهم إلا من خر على وجهه قتيلا أو عاش في بيته ذليلا، يسمع شتمة الوصي فلا ينكر، ويرى قتلة الأوصياء وأولادهم فلا يغير، ولا يخفى عليكم حرج عامتهم وحيرتهم، كجابر الجعفي، وكرشيد الهجري، وكزرارة بن أعين ليس إلا أنهم - رحمهم الله - يتولون أولياء الله ويتبرأون من أعداء الله، وكفى به جرما عظيما عندهم وعيبا كبيرا بينهم.