معنى (الناصر) للزم تساقط هاتين القرينتين لعدم جواز إرادة المعنيين من اللفظ الواحد في الاستعمال الواحد حسب تصريح المحققين من الأصوليين، فيبقى صدر الكلام بلا معارض.
ولعله من هنا لم يذكر الرازي لذيل الخبر إلا معنى (الناصر)، وذلك حيث قال: (ثم إن سلمنا أن تقديم تلك المقدمة يقتضي أن يكون المراد بالمولى (الأولى)، ولكن الحديث مؤخره وهو قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله يقتضي أن يكون المراد من المولى (الناصر). وإنما قلنا ذلك لأن من ألزم غيره شيئا بلفظ مشترك بين ذلك الشئ وبين غيره، ثم حث على التزام أحد معاني تلك اللفظة، فإنه يتبادر إلى الأفهام أنه إنما حث باللفظ المشترك على المعنى الذي صرح به آخرا، ألا ترى أن الانسان إذا قال لغيره: صل عند الشفق اللهم من (كذا) يصل عند الشفق الأحمر. يحمل الشفق المأمور به على الشفق الأحمر. وإذا ثبت ذلك فقوله: اللهم وال من والاه حث منه على التزام ما ذكره من لفظه المولى. فعلمنا أنه أراد بها الموالاة التي هي ضد العداوة. وأي شئ يقولون في هذه المؤخرة نقوله في تلك المقدمة) (1).
وقد أفيد في (عماد الاسلام) في جوابه: (أقول: فيه وجوه من الكلام وضروب من الملام (الأول): إن قوله عليه السلام وال من والاه لو اقتضى إرادة معنى المحبة من (من كنت مولاه) اقتضى قوله عليه السلام: (وانصر من نصره) إرادة معنى النصرة، وحيث ثبت أن إرادة المعنيين من المشترك في إطلاق واحد ممتنعة تعارض المعنيان، وإذا تعارضا تساقطا، فبقي إرادة معنى الأولى من المولى بلا معارض.
(والثاني) إن قوله عليه السلام: (اللهم وال من والاه) خطاب مع الحق بعد الفراغ عن الخطاب للخلق بقوله: (من كنت مولاه...) فلا يعارض القرينة على