أما حمل (الأولى) على الأولوية في جميع الأمور بسبب عدم تقييده بقيد فهو ثابت من كلمات كبار علماء أهل السنة المحققين، إذ قد عرفت سابقا قول الزمخشري والنيسابوري والبيضاوي والعيني وغيرهم بتفسير قوله عز وجل: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * أنه صلى الله عليه وآله وسلم أولى بهم من أنفسهم في جميع الأمور، لإطلاق لفظة (الأولى) في الآية الكريمة، فكذلك لفظة (المولى) في حديث الغدير تحمل على العموم والاطلاق، لعدم تقيدها بقيد، فثبتت الأولوية بالتصرف وبطلت كلمات المشككين وتأويلاتهم الباردة للحديث الشريف.
على أنه لا ريب في أن المراد من (المولى) في (فعلي مولاه) نفس المراد منه في (من كنت مولاه) وقد اعترف (الدهلوي) نفسه بأن الكلام مسوق لتسوية الولايتين في جميع الأوقات ومن جميع الوجوه، فإذا كان المراد أولوية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت أولويته في جميع الأمور، بعين ما ذكره أساطين المفسرين في قوله تعالى: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * فكذلك أولوية سيدنا أمير المؤمنين عليه السلام. فبطلت أوهام المنكرين.
[3] جعل ذيل الحديث قرينة على إرادة المحبة قوله: (ثالثا: إن القرينة المتأخرة تدل بصراحة على أن المراد من الولاية المستفاد من لفظ (المولى) أو (الأولى) - أيا ما كان - هو معنى المحبة، وتلك القرينة قوله: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).
الجواب عن ذلك أقول: لقد اضطرب أهل السنة واختلفت كلماتهم في تأويل حديث الغدير بغية صرفه عن مدلوله الحقيقي، فمنهم من أوله بجعل المراد من (المولى) فيه هو