بل تتضح غرابة إنكار (الدهلوي) من كلام ابن تيمية الشهير بالتعصب الشديد وعناده للحق وأهله، فقد قال ابن تيمية: (والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: من كنت واليه فعلي واليه، وإنما اللفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه. وأما كون المولى بمعنى الوالي فهذا باطل. فإن الولاية تثبت من الطرفين فإن المؤمنين أولياء الله وهو مولاهم. وأما كونه أولى بهم من أنفسهم فلا يثبت إلا من طرفه صلى الله عليه وسلم، وكونه أولى بكل مؤمن من نفسه من خصائص نبوته، ولو قدر أنه نص، على خليفة بعده لم يكن ذلك موجبا أن يكون أولى بكل مؤمن من نفسه، كما أنه لا يكون أزواجه أمهاتهم، ولو أريد هذا المعنى لقال: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه. وهذا لم يقله ولم ينقله أحد، ومعناه باطل قطعا) (1).
لأن ابن تيمية قد صرح بأن (كونه أولى بكل مؤمن من نفسه من خصائص نبوته) ولو كان المراد من (الأولوية) هو (الأحبية) لم يكن هذا المعنى من خصائص نبوته، لأن الأحبية يثبتها أهل السنة للخلفاء وغيرهم ولو بالترتيب، فعلم أن المعنى أمر عظيم ومقام جسيم يكون من خصائص مقام النبوة، ولا يناله صاحب مقام الخلافة، ووجه ذلك: إن هذا المعنى - أي الأولوية بكل مؤمن من نفسه - يقتضي العصمة، والخلفاء ليسوا معصومين. لكن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام عصمتهم ثابتة فهذا المقام ثابت لهم، بل إن كلام ابن تيمية هنا يثبت العصمة لأمير المؤمنين عليه السلام لثبوت هذه الأولوية له بالأدلة السابقة واللاحقة.
3 - المراد من (المولى) في الحديث هو المراد من (الأولى) في الصدر وأما بيان أن المراد من (المولى) في قوله صلى الله عليه وسلم: (من كنت مولاه فعلي مولاه) هو المراد من (الأولى) في قوله في مقدم الحديث: (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟...) فيتم بوجوه:
(الأول) قال كمال الدين محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام في (فتح