إرادة معنى الأولوية التي هي أيضا خطاب مع الخلق.
(والثالث): إن المولى قد جاء بمعنى أولى كما عرفت، ولم يقل أحد إن معنى المولى ووال واحد، فلا مساواة بين القرينتين.
(والرابع) إنه لا خلاف بين الفريقين أن قوله عليه السلام: (فمن كنت مولاه...) أمر وتكليف بصورة الإخبار، ولذا حمل الرازي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألست أولى بالمؤمنين) على التذكير بوجوب طاعته، تمهيدا لإظهار وجوب طاعته صلى الله عليه وآله في باب التكليف المؤدى بقوله: (فمن كنت مولاه). ولا شبهة في أنه إذا حملنا قوله: (من كنت مولاه فعلي مولاه) على الناصر والمحب بقرينة الدعاء لم يصلح أن يكون تكليفا، لأن كونهما ناصرين للخلق أو المحبين من فعلهما وصفاتهما دون الخلق.
(والخامس) إن الملائم للدعاء وتكليفه الناس أن يقول صلى الله عليه وآله وسلم لو أراد إيجاب المحبة أو النصرة على الخلق بالنسبة إلى علي عليه السلام:
من كان مولاي ومحبي وناصري فليكن مولى علي وناصره ومحبه، اللهم وال من والاه وانصر من نصره. لينتظم عبارته صلى الله عليه وآله من أولها إلى آخرها، وبدون ذلك لا يحسن التكلم بهذا الكلام كما لا يخفي. على أن القرائن المسطورة فيما قبل لا يساعد شئ منها إرادة غير معنى الأولوية كما عرفت. وأما مثاله: صل عند الشفق. فلا يطابق الممثل له بوجه ما، لأنه لا يجري في هذا المثال شئ مما ذكرنا في الممثل له، وإلا كانت حاله كحاله).
وأما زعم صاحب المرافض أن قرينة كون المراد معنى الناصر والمحبوب أقوى، لأن الغرض من الخطبة الحث والترغيب على محبة أهل البيت... فيندفع بأن هذه الخطبة هي لأجل تشييد خلافة أمير المؤمنين وإمامته، ويشهد بذلك وجود حديث الثقلين فيها بعد حديث الغدير كما في الصواعق وغيره - وقد ذكر ذلك صاحب المرافض نفسه -.