بصراحة، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال هذا الكلام في ذلك الحشد العظيم من الناس، وفي يوما ما أتى عليهم يوم كان أشد حرا منه، وبعد أن ذكر لهم قرب وفاته وبين لهم عدم ضلالهم بعد التمسك بكتاب الله آخذا بيد علي عليه السلام بعد أن سألهم: (من أولى بكم من أنفسكم؟)، وهل يتصور للفظ (المولى) في هذا الحديث مع هذه الجهات والأحوال معنى غير المعنى المراد من (من أولى بكم من أنفسكم؟) كلا اللهم كلا، وقد عرفت وستعرف أيضا أن هذه الجملة الكريمة مأخوذة من الآية المباركة وهي قوله تعالى: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم...) * الدالة كما عرفت دلالتها على أولويته في كل شئ...
قال الشيخ عبد الحق الدهلوي في (اللمعات) بشرحه: (فقال بعد أن جمع الصحابة: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ وفي بعض الروايات كرره للمسلمين وهم يجيبون بالتصديق والاعتراف، يريد به قوله تعالى: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * الآية. أي في الأمور كلها، فإنه لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم، بخلاف النفس، فلذلك أطلق، فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم، وأمره أنفذ عليهم من أمرها، وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها.
روي أنه صلى الله عليه وسلم أراد غزوة تبوك فأمر الناس بالخروج فقال ناس: نستأذن آباءنا وأمهاتنا. فنزلت. وقرئ: وهو أب لهم أي في الدين، فإن كل نبي أب لأمته من حيث أنه أصل فيما به الحياة الأبدية، ولذلك صار المؤمنون أخوة. كذا في تفسير البيضاوي.
وقوله: (إني أولى بكل مؤمن من نفسه) تأكيد وتقرير يفيد كونه أولى بكل واحد من المؤمنين، كما أن الأول يفيده بالنسبة إليهم جميعا).
من ترجمة الحاكم:
ومن المناسب أن نذكر هنا بعض الثناء والمدح الوارد في حق الحاكم