وقال ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي بشرح الحديث الأول من كتاب الفرائض (وهو: عن همام عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أولى الناس بالمؤمنين في كتاب الله عز وجل، فأيكم ما ترك دينا أو ضيعة فادعوني فأنا وليه، وأيكم ما ترك مالا فليورث عصبته من كان) قال:
(فيه فوائد: (الأولى) - أخرجه مسلم من هذا الوجه عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق. وأخرجه الأئمة الستة خلا أبا داود من طريق الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة...
(الثانية) - قوله: أنا أولى الناس بالمؤمنين. إنما قيد ذلك بالناس لأن الله تعالى أولى بهم منه، وقوله في كتاب الله عز وجل، إشارة إلى قوله تعالى: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * وقد صرح بذلك في رواية البخاري من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة...
(الثالثة): يترتب على كونه عليه الصلاة والسلام أولى بهم من أنفسهم أنه يجب عليه إيثار طاعته على شهوات أنفسهم وإن شق ذلك عليهم، وأن يحبوه أكثر من محبتهم لأنفسهم، ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين. وفي رواية أخرى: من أهله وماله والناس أجمعين، وهو في الصحيحين من حديث أنس. ولما قال له عمر رضي الله عنه: لأنت أحب إلي من كل شئ إلا نفسي، قال له: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك. فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر. رواه البخاري في صحيحه: قال الخطابي: لم يرد به حب الطبع، بل أراد حب الاختيار، لأن حب الانسان نفسه طبع ولا سبيل إلى قلبه. قال: فمعناه لا تصدق في حبي حتى تفني في طاعتي نفسك وتؤثر رضاي على هواك وإن كان فيه هلاكك.
(الرابعة): استنبط أصحابنا الشافعية من هذه الآية الكريمة أن له عليه الصلاة والسلام أن يأخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج