وإذا ثبتت الأفضلية لعلي عليه السلام فإن الأفضلية تثبت إمامته وتبطل خلافة المتقدمين عليه.
12 - اختلافهم في سبب الحديث دليل الاختلاق هذا، ولقد اضطرب أهل السنة في بيان سبب حديث الغدير فذكروا وجوها متضاربة وأسبابا مختلفة، الأمر الذي يدعو كل منصف إلى الاعتقاد بأن جميع ما ذكروه مفتعل ومختلق، ولا نصيب لشئ من تلك الوجوه من الصحة أبدا.
فتارة يجعلون السبب شكوى بريدة، وأخرى يجعلونه الكلام الذي وقع بين أمير المؤمنين عليه السلام وبين أسامة بن زيد، وثالثة يجعلونه الكلام الذي وقع بين زيد بن حارثة وبين أمير المؤمنين عليه السلام.
فأما الأول فقد ذكره ابن حجر في الصواعق وتبعه عليه البرزنجي وعبد الحق الدهلوي وصاحب المرافض وأمثالهم، واختاره (الدهلوي) مضيفا إليه شكوى خالد بن الوليد وغيره.
وأما الثالث فقد ذكره القاضي عبد الجبار في المغني عن بعضهم. وقد اختاره الفخر الرازي حيث قال: (سلمنا أنه محمول على الأولى، لكن لا نسلم أنه يجب أن يكون أولى بهم في كل شئ، بل يجوز أن يكون أولى بهم في بعض الأشياء، وهو وجوب محبته وتعظيمه والقطع على سلامة باطنه. فإنه روي أنه عليه السلام إنما قال هذا الكلام عند منازعة جرت بين زيد وعلي فقال علي لزيد: أنت مولاي، فقال زيد: لست مولى لك إنما أنا مولى رسول الله عليه السلام. فقال عليه السلام هذا الكلام عند هذه الواقعة، فينصرف الأولوية إلى حكم هذه الواقعة. وهو أن من كنت أولى به في المحبة والتعظيم والقطع على سلامة الباطن فعلي أولى به في هذه الأحكام) (1).