فالإفصاح قد تحقق بأحسن ما يمكن وأتم ما يرام، وبطلت شبهات المنكرين ووساوس الشياطين.
والخلاصة: إنه متى أفاد الكلام - ولو بلحاظ القرائن - المعنى المطلوب فقد تمت به الحجة وكملت النعمة، وكان نصا قطعيا ثابتا لا يعتريه ريب، ولا تمنع عن دلالته الاحتمالات البعيدة التي يبديها المتعصبون، لأنه لو جاز الاصغاء إلى تلك الاحتمالات البعيدة التي يذكرها بعض أهل السنة حول مفاد حديث الغدير، لم يبق مصداق للنص، ولسقطت جميع النصوص عن الدلالة حتى أمثال (قل هو الله أحد) و (محمد رسول الله).
قال الغزالي: (ولو شرط في النص انحسام الاحتمالات البعيدة - كما قال بعض أصحابنا - لم يتصور لفظ صريح، وما عدوه من الآيات والأخبار يتطرق إليها احتمالات، فقوله: قل هو الله أحد يعني آله الناس دون الجن، وقوله: محمد رسول الله أي محمد؟ " وإلى أي إقليم؟ وفي أي زمان؟ وقوله: يجزي عنك أي يثاب عليه، وقوله: إن اعترفت فارجمها. أي إذا لم تتب. فهذه احتمالات بعيدة تتطرق إليها) (1).
16 - تأييد هذا الحديث للمذهب الحق بوجوه وبالرغم من أن أهل السنة ينسبون هذا الكلام إلى الحسن المثنى للرد به على المذهب الحق بزعمهم، إلا أنه يظهر بالتأمل تأييده للحق بوجوه عديدة:
(الأول): إنه يفيد أن عبارة (يا أيها الناس إن عليا والي أمركم من بعدي والقائم في الناس) نص صريح في الإمامة والخلافة، كنصوصه الواردة في الصلاة والزكاة والصيام والحج، فكانت تلك العبارة واضحة الدلالة بالنصوصية على خلافة علي عليه السلام، مثل عباراته الواردة في الصلاة والزكاة وغيرهما من الواجبات الدينية، ولا يكون في دلالتها قصور أو التباس أو إبهام.