القدير): (قوله: وطلاق الأمة ثنتان حرا كان زوجها أو عبدا، وطلاق الحرة ثلاثة حرا كان زوجها أو عبدا. وقال الشافعي رحمة الله عليه: عدد الطلاق معتبر بالرجال، فإذا كان الزوج عبدا وهي حرة حرمت عليه بتطليقتين، وإن كان هو حرا وهي أمة لا تحرم عليه إلا بثلاث... وبقول الشافعي قال مالك وأحمد وهو قول عمر وعثمان وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وبقولنا قال الثوري وهو مذهب علي وابن مسعود.
له ما روي عنه عليه الصلاة والسلام: الطلاق بالرجال والعدة بالنساء، قابل بينهما واعتبار العدة بالنساء من حيث العدد، فكذا ما قوبل به تحقيقا للمقابلة، فإنه حينئذ أنسب من أن يراد به الايقاع بالرجال، ولأنه معلوم من قوله تعالى: * (فطلقوهن لعدتهن) * وفي موطأ مالك رحمه الله أن نفيعا كان مكاتبا لأم سلمة...
ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: طلاق الأمة ثنتان وعدتها حيضتان، رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والدار قطني عن عائشة ترفعه. وهو الراجح الثابت، بخلاف ما رواه وما مهد من معنى المقابلة، فإنه فرع صحة الحديث أو حسنه، ولا وجود له حديثا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بطريق يعرف.
وقال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي: موقوف على ابن عباس. وقيل من كلام زيد بن ثابت، وحديث الموطأ موقوف عليه وعلى عثمان وهو لا يرى تقليد الصحابي، والالزام إنما يكون بعد الاستدلال، لأن حقيقته نقض مذهب الخصم بما لا يعتقده الملزم صحيحا، وإلا يكون نقض مذهب خصمه فقط، فلا يوجب صحة مذهب نفسه إلا بطريق عدم القائل بالفصل، وهذا لا يكون إلا إذا كان ما نقض به مما يعتقده صحيحا، وهو منتف عنده في مذهب الصحابي، فهو في معتقده غير منقوض فلم يثبت لمذهبه دليل يقاوم ما روينا) (1).
فكما استدل الشافعي في تلك المسألة بالمقابلة المذكورة على ما ذهب إليه،