قوله:
(ولو سلمنا كون المراد من صدر الحديث هو الأولى بالتصرف، فإنه لا وجه لحمل المولى على الأولى بالتصرف كذلك، لأنه إنما صدر الحديث بتلك العبارة لينبه السامعين، كي يتلقوا الكلام بكل توجه وإصغاء...).
أقول:
الحديث الذي أخرجه الطبراني بلفظ صحيح يشتمل كغيره على ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل جملة (ألست أولى...) جملا فيها الاقرار بالوحدانية والرسالة والبعث والمعاد والجنة والنار قائلا: (أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله...) ثم إنه قال: يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه يعني عليا). وكل ذلك صريح في أن الغرض من تقديمه أولوية نفسه بالمؤمنين من أنفسهم هو حمل (المولى) على (الأولى). وليس الغرض ما ذكره (الدهلوي)، إذ لو كان الغرض ما ذكره لكان قوله: (ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله) فقط وافيا بهذا الغرض.
قوله:
(وأما أخذ لفظة واحدة من الحديث وجعلها فقط مورد العلاقة والربط بعبارة الصدر فمن كمال السفاهة، بل يكفي الارتباط الموجود بين جميع الكلام مع هذه العبارة).
أقول:
لقد عرفت المناسبة التامة والعلامة الكاملة بين جملتي (ألست أولى بالمؤمنين ...) و (من كنت مولاه...) وأن سبط ابن الجوزي وشهاب الدين أحمد وصاحب (مرافض الروافض) قد صرحوا بذلك، وجعلوا الجملة السابقة قرينة على المراد في الجملة اللاحقة، ولكن (الدهلوي) يسفه هؤلاء وغيرهم كما هو صريح عبارته.
بل لقد صرح بما ذكرنا من المناسبة بعض المشاهير من أئمة الحديث وشراحه كالطيبي حيث قال بشرح حديث الغدير: (قوله: إني أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
يعني به قوله تعالى: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * أطلق فلم يعرف بأي