أقول:
ظاهر هذا الكلام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجد من صحابته تهاونا في الالتزام والعمل بما حكم وأوجب عليهم من قبل الله تعالى، في حق سيدنا أمير المؤمنين عليه السلام في وجوب محبته ولزوم مودته... فهذا ظاهر الكلام (الدهلوي) في هذا المقام.
وحينئذ يبطل جميع كلمات (الدهلوي) واستدلالاته في مقام تنزيه الصحابة عن المخالفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في باب الخلافة والإمامة، ورفع شأنهم عن المطاعن المتوجهة إليهم، وصدور الفضائح والقبائح منهم... لأن هؤلاء الصحابة إذا كانوا متساهلين ومتهاونين في مجرد مودة علي أمير المؤمنين فلا غرابة في تهاونهم وتساهلهم تجاه أوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإرشاداته في باب الإمامة والخلافة، التي هي أعظم شأنا وأكبر مقاما من مجرد المودة والمحبة.
قوله:
(وما من شئ دلت عليه آية من القرآن إلا وأكدت عليه الآيات الأخرى ثم الأحاديث على لسان النبي، حتى تتم النعمة والحجة).
أقول:
فيه أولا: منع هذه الكلية، ووجه المنع ظاهر على من قرأ القرآن.
وثانيا: إن من العجيب تأكيد (الدهلوي) في هذا المقام على حسن التكرار وإثباته الفائدة له باهتمام عظيم، ثم غفلته أو تغافله في باب المطاعن، عما ذكره هنا فإنه يبذل هناك قصارى جهده لإثبات أن لا فائدة في التأكيد، وعلى هذا الأساس يبرر منع عمر بن الخطاب عن كتابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصيته في الساعات الأخيرة من حياته قائلا: إن رسول الله قد غلبه الوجع وعندنا كتاب الله، حسبنا كتاب الله.
فما هذا التهافت والتناقض في كلمات (الدهلوي)؟ أفهل من الصحيح أن يقرر أمرا في مقام ويؤكد عليه ثم ينكره في مقام آخر ويصر على إنكاره ونفيه؟!
لقد أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتب في وصيته أمرا أو أمورا