الكاملين، مع أن هذا موجب لكفر الطاعنين والقائلين، فإن الإمام أبا حنيفة - رضي الله عنه - لم يذهب إلى هذه القول برأيه، بل بما ثبت عنده من الأحاديث المروية عن سيد المرسلين بواسطة أجلاء أصحابه - رضي الله عنهم أجمعين - وليس منفردا به أيضا بين المجتهدين، إذ ذهب إليه سفيان الثوري وعكرمة أيضا من التابعين... ".
أقول: فإذا كان طعن الطاعنين على القول بجواز التوضي بنبيذ التمر موجبا لكفرهم، لثبوت هذا الحكم بالأحاديث المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حسب زعمه، فكيف لا يكفر الطاعن في حديث الغدير يا منصفون؟
وإذا كان قد وافق سفيان وعكرمة أبا حنيفة في هذه الفتوى، فإن حديث الغدير متواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مشهور لدى جميع المحدثين، ورواه كلهم خلفا عن سلف في جميع الطبقات، واعتنوا به وجمعوا طرقه وألفاظه في كتبهم المختلفة وأسفارهم المعتبرة...
وقال الشاه ولي الله الدهلوي في (التفهيمات الإلهية): " تفهيم - من كان مقلدا لواحد من الأئمة وبلغه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يخالف قوله في مسألة وغلب على ظنه أن ذلك نقل صحيح فليس له عذر في أن يترك حديثه - عليه السلام - إلى قول غيره، وما ذلك شأن المسلمين ويخشى عليه النفاق إن فعل ذلك ".
أقول: فإذا لم يكن من شأن المسلمين ترك حديث غلب على ظنه أن ذلك نقل صحيح، وأنه يخشى على فاعله النفاق، فإن رد مثل حديث الغدير الصحيح المتواتر، يوجب الخروج من عداد المسلمين والدخول في زمرة المنافقين قطعا...
وقال الفضل بن روزبهان - في الجواب عن قول العلامة الحلي - رحمه الله - روى الجمهور أنه - عليه السلام - لما برز إلى عمرو بن عبد ود العامري في غزاة الخندق، وقد عجز عنه المسلمون، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم برز الإيمان كله إلى الكفر كله - قال الفضل: