الذي يفهم من هذا الكلام بلا تكلف، أي أن محبة علي فرض كمحبة النبي، ومعاداته محرمة كمعاداة النبي، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، وهو المطابق لفهم أهل البيت:
أخرج أبو نعيم عن الحسن المثنى ابن الحسن السبط رضي الله عنهما أنه سئل: هل حديث من كنت مولاه نص على خلافة علي رضي الله عنه؟ فقال: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بذلك الخلافة لأفصح لهم بذلك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفصح الناس، ولقال لهم: يا أيها الناس هذا والي أمركم والقائم عليكم بعدي فاسمعوا له وأطيعوا.
ولو كان الأمر أن الله جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وسلم اختار عليا لهذا الأمر، وللقيام على الناس بعده فإن عليا أعظم الناس خطيئة وجرما، لأنه ترك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم فيه كما أمره ويعذر إلى الناس.
فقيل له: ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه؟
فقال: أما والله لو يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الأمر والسلطان، لأفصح به كما أفصح بالصلاة والزكاة، ولقال: يا أيها الناس إن عليا والي أمركم من بعدي والقائم في الناس.
وأيضا: ففي الحديث دلالة صريحة على اجتماع الولايتين في زمان واحد، إذ لم يقع فيه التقييد بلفظ (بعدي)، بل سوق الكلام هو للتسوية بين الولايتين في جميع الأوقات ومن جميع الوجوه، لوضوح امتناع كون علي شريكا للنبي في كل ما يستحق النبي التصرف فيه في حال حياته، فهذا أدل دليل على أن المراد وجوب المحبة، إذ لا مانع من اجتماع المحبتين، بل إن كلا منهما مستلزم للآخر، أما في اجتماع التصرفين فالمحاذير كثيرة، فإن قيدنا بما يدل على إمامته في المآل دون الحال فمرحبا بالوفاق، لأن أهل السنة قائلون بذلك في حين إمامته، ووجه تخصيص المرتضى بذلك علمه صلى الله عليه وسلم من طريق الوحي بوقوع البغي والفساد