عيسى الترمذي وكتابه - فقال: كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري ومسلم.
وقال الإمام أبو القاسم سعيد بن علي الزنجاني: إن لأبي عبد الرحمن النسائي شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم. وقال أبو زرعة الرازي لما عرض عليه ابن ماجة السنن كتابه: أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع كلها، أو قال: أكثرها.
ووراء هذا بحث آخر وهو: إن قول الشيخ أبي عمرو ابن الصلاح: إن الأمة تلقت الكتابين بالقبول، إن أراد كل الأمة فلا يخفى فساد ذلك، إذ الكتابان إنما صنفا في المائة الثالثة بعد عصر الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وأئمة المذاهب المتبعة، ورؤوس حفاظ الأخبار ونقاد الآثار المتكلمين في الطرق والرجال المميزين بين الصحيح والسقيم، وإن أراد بالأمة الذين وجدوا بعد الكتابين فهم بعض الأمة، فلا يستقيم له دليله الذي قرره من تلقي الأمة وثبوت العصمة لهم، والظاهرية إنما يعتنون بإجماع الصحابة خاصة، والشيعة لا تعتد بالكتابين وطعنت فيهما، وقد اختلف في اعتبار قولهم في الإجماع والانعقاد.
ثم إن أراد كل حديث فيهما تلقي بالقبول من الناس كافة فغير مستقيم، فقد تكلم جماعة من الحفاظ في أحاديث فيهما، فتكلم الدارقطني في أحاديث وعللها، وتكلم ابن حزم في أحاديث كحديث شريك في الاسراء، قال: إنه خلط. ووقع في الصحيحين أحاديث متعارضة لا يمكن الجمع بينها، والقطع لا يقطع التعارض فيه.
وقد اتفق البخاري ومسلم على إخراج حديث " محمد بن بشار بندار " وأكثرا من الاحتجاج بحديثه، وتكلم فيه غير واحد من الحفاظ، أئمة الجرح والتعديل ونسب إلى الكذب، وحلف عمرو بن علي الفلاس شيخ البخاري أن بندار يكذب في حديثه عن يحيى، وتكلم فيه أبو موسى، وقال علي بن المديني في الحديث الذي رواه في السجود: هذا كذب، وكان يحيي لا يعبأ به ويستضعفه وكان القواريري لا يرضاه.