كذلك في باب الأخبار المخصوصة بأهل المذاهب الفاسدة، من اليهود والنصارى والصابئين وعبدة النيران والأوثان وسائر المشركين، فكيف يسوغ لمسلم منصف أن ينكر التفاوت بين البديهيين، فإنه قد يكون أحدهما أجلى من الآخر، كيف، ولو لم يكن الأمر كذلك يلزم إهمال الكثير من المتواترات " (1).
وبعد، فلننظر بماذا تشبث الرازي في رد هذا الحديث:
لقد زعم الرازي عدم نقل كثير من أصحاب الحديث لحديث الغدير، ولكن هذا مردود بما سننقله في الكتاب من أسماء مخرجي حديث الغدير ورواته وناقليه، بحيث يتجلى لمن يقف على تلك القائمة من أسماء أعاظم علماء أهل السنة أن الكثير منهم يروون هذا الحديث مع التنويه بعظمته وصحته وتواتره، والتصريح بحصول العلم الضروري لهم بصدوره عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والغريب من الرازي حيث يقول: إن كثيرا من أصحاب الحديث لم ينقلوا هذا الحديث، ثم يعد من أسماء تلك الكثرة المزعومة أسماء أربعة فقط، وليته ذكر ثلاثين أو عشرين من أعيان المحدثين حتى يناسب دعواه، لأن عدم نقل أربعة بل عشرة لا يعارض نقل هذا الجم الغفير والجمع الكبير لحديث الغدير...
ولو سلمنا أن كثيرا من أصحاب الحديث لم ينقلوه، فإن عدم نقلهم لحديث الغدير المشهور المتواتر إنما هو لانحيازهم عن أمير المؤمنين عليه السلام وكتمانهم فضائله الشريفة لأغراضهم الفاسدة، بدليل أنهم في نفس الوقت يروون الخرافات الغريبة في فضائل خلفائهم وأئمتهم...
ومتى كان النافي بصراحة لا يعبأ بقوله، لوجود المثبت، فالساكت والمعرض أولى بعدم الاعتناء...
هذا، ولنتكلم على تشبث الرازي بعدم نقل البخاري ومسلم والواقدي وابن إسحاق.