والحديث ولم يحضرنا منه شئ فننقل لفظه، ومعناه أنه قال عمار رضي الله عنه وقد حملوه أحجارا صلى الله عليه وسلم المسجد: قتلوني يا رسول الله يحملونني فوق ما أطيق، أو قال: كما يحمله رجلان. فنفض صلى الله عليه وسلم الغبار عنه وقال: ليسوا بقاتليك، إنما يقتلك الفئة الباغية. تكلم صلى الله عليه وسلم بهذا قبل وقعة بدر وقبل فتح مكة وقبل إسلام رأس الفئة الباغية وقبل أن يفتح من البلاد شبر واحد.
وتكرر منه صلى الله عليه وسلم ذكر أن عمارا (رض) يقتله الفئة الباغية في عدة مواقف، وقد كان عمار (رض) من أعيان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال العامري (رض): وكان مخصوصا من الرسول صلى الله عليه وسلم بالبشارة والترحيب والبشاشة والتطييب، أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أحد الأربعة الذين تشتاق إليهم الجنة وقال له: مرحبا بالطيب المطيب، وقال صلى الله عليه وسلم: عمار جلدة ما بين عيني وأنفي، وقال: اهتدوا بهدى عمار، وقال: من عادى عمارا عاداه الله من أبغض عمارا أبغضه الله. ذكر هذه الأحاديث في فضائله الفقيه العلامة الشافعي المحدث يحيى بن أبي بكر العامري (رض) في كتاب (الرياض المستطابة) في ترجمة عمار رضي الله عنه.
قال العامري: وكان من أصحاب علي عليه السلام وقتله أصحاب معاوية وبقتله استدل أهل السنة على تصحيح إمامة علي عليه السلام وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان قال: ويح ابن سمية يقتله الفئة الباغية، وقال: ويح عمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، انتهى كلامه.
قلت: وأخرج ابن عساكر وابن سعد أن عليا عليه السلام قال حين قتل عمار: إن امرء من المسلمين لم يعظم عليه قتل عمار بن ياسر وتدخل عليه المصيبة الموجعة لغير رشيد. رحم الله عمارا يوم أسلم، ورحم الله عمارا يوم قتل، ورحم الله عمار يوم يبعث حيا، لقد رأيت عمارا وما يذكر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة إلا كان رابعا ولا خمسة إلا كان خامسا ولا كان أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشك أن عمارا