كما أنه كتم الشهادة عندما ناشده أمير المؤمنين عليه السلام في جماعة عن حديث الغدير، فكتم الشهادة، معتذرا بالنسيان كاذبا، فدعا عليه الإمام عليه السلام وسرعان ما ظهر عليه أثر دعوته.
وفي كتاب (الأربعين) لأسعد بن إبراهيم الأربلي عن شيخه ابن دحية الكلبي، عن سالم بن أبي الجعد قال: " حضرت مجلس أنس بن مالك - وهو مكفوف البصر وفيه وضح - فقام إليه رجل من القوم - وكأنه كان بينه وبين أنس أحنة - وقال له: يا صاحب رسول الله، ما هذه السمة التي أراها بك؟ فوالذي بعث محمدا نبيا لقد حدثني أبي عن النبي أن الله قد بين أن البرص والجذام ما يبتلى به مؤمنا ونرى بك وضحا، فأطرق أنس به مالك إلى الأرض وعيناه تذرفان بالدمع وقال: أما الوضح فإنها من دعوة دعاها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقام إليه جماعة فسألوه أن يحدثهم بالحديث قال:
لما أنزلت سورة الكهف سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم أصحاب الكهف فوعدهم ذلك، فبينما هو جالس في بعض الأيام وقد أهدي له بساط من قرية يقال لها هندف من قرى الشام وحضرت الصحابة وذكروه بوعدهم فقال: احضروا عليا، فلما حضر قال لي: يا أنس أبسط البساط وأمر أصحابه أن يجلسوا عليه. فلما جلسوا رفع يديه إلى السماء ساعة وسأل الله تعالى وأمر عليا أن يكنف القوم ويسأل الله معه كما يسأل أن يبعث له ملائكة أربعة يحملون البساط وعليه الصحابة لأن ينظروا أهل الكهف، فما كان إلا ساعة وارتفع البساط قال أنس: وأنا معهم وسرنا في الهواء إلى الظهر فوقف البساط ثم وقعنا على الأرض، فشاهدنا أهل الكهف.
وكان علي يأمر البساط أن يمضي كما يريد، فكأنه كان يعرف الكهف وقال انزلوا نصلي، فنزلنا وأم بنا وصلينا وتقدمنا إليهم فرأينا قوما نياما تضئ وجوههم كالقناديل وعليهم ثياب بيض وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد فملئنا منهم رعبا فتقدم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: السلام