صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم وكنا في دار - أو في أرض - البعداء البغضاء في الحبشة، وذلك في الله وفي رسوله، وأيم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن كنا نؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأسأله، والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد على ذلك.
قال: فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا نبي الله، إن عمر قال كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم - أنتم أهل السفينة - هجرتان.
قالت فلقد رأيت أبو موسى وأصحاب السفينة يأتونني إرسالا يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شئ هم به أفرح وأعظم في أنفسهم مما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو بردة: فقالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعد هذا الحديث مني " (1).
أقول: ولقد قال ذلك لأسماء جماعة من الأصحاب تبعا لعمر بن الخطاب فكذبهم النبي صلى الله عليه وآله كذلك، فقد روى المتقي: " عن الشعبي، قال: لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل جعفر بن أبي طالب، ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأته أسماء بنت عميس حتى فاضت عبرتها، فذهب بعض حزنها، ثم أتاها فعزاها ودعا بني جعفر فدعا لهم ودعا لعبد الله بن جعفر أن يبارك له في صفقة يده، فكان لا يشتري شيئا إلا ربح فيه.
فقالت له أسماء: يا رسول الله إن هؤلاء يزعمون أنا لسنا من المهاجرين، فقال: كذبوا، لكم الهجرة مرتين، هاجرتم إلى النجاشي وهاجرتم إلي [ش] (2).