إنما كان يكفيك أن تفعل هكذا - وضرب بيديه الأرض، فمسح بهما وجهه ويديه -.
فلم يقبل عمر، ولم ينهض عنده حجة، لقادح خفي رآه فيه، حتى استفاض الحديث في الطبقة الثانية من طرق كثيرة، واضمحل وهم القادح فأخذوا به " (1).
ولنعم ما أفاد العلامة السيد محمد قلي أحله الله دار السلام في كتابه (تشييد المطاعن) حيث قال في هذا المقام: " إن عدم قبول عمر حديث عمار وعدم جعله حجة رد صريح للشريعة، لأن عمارا صحابي ثقة عادل جليل الشأن فلماذا لا تقبل روايته ولا تكون حجة؟ وإذا كان حديث عمار لا ينهض حجة، ولا يوجب إنكاره طعنا، فلماذا يكون إنكار أحاديث الصحابة موجبا للطعن؟ وذلك، لأن عمارا من أجلة الصحابة وأعاظمهم وأكابرهم، وله فضائل ومناقب عظيمة لم تكن لكثير من كبار الأصحاب، فمتى جاز إنكار حديثه جاز عدم قبول أحاديث غيره من الصحابة.
فالعجب، أن أهل السنة يقبحون عدم قبول الأحاديث التي ينسبونها إلى عوام الصحابة وجهالهم - بل إلى فجارهم - بل يحسبونه قدحا في الدين، ولكن لا ينكرون على عمر رده حديث عمار، بل هو إمامهم الأعظم ومقتداهم الأفخم؟!
قال العلامة فضل الله التوربشتي شارح المصابيح في كتاب المعتمد في المعتقد: لقد أراد الزنادقة أحداث دين في الشريعة، وجعلوا أساسه القدح في خلافة أبي بكر، وهذا يفضي إلى الطعن في جميع الصحابة، والطعن فيهم يقتضي الطعن في الدين، لأن القرآن والسنة والأحكام المستفادة منهما إنما وصلتنا عن طريق الصحابة، فإذا كان ما يقولون في الصحابة حقا لم يبق أي اعتماد على أخبارهم، فلا تثبت الشريعة، نعوذ بالله من الضلال.