والعمدة، أن عليا لا يرى الحديث صحيحا ولا أبا بكر صادقا في نقله، وإلا لأقنع فاطمة وأصلح بينها وبين أبي بكر، وما في بعض الروايات من إقرار العباس وعلي بالحديث المذكور في محضر عمر فهو أشبه بالهزل من الجد. وسيأتي أن عليا والعباس ادعيا الميراث من عمر بعد وفاة أبي بكر، فيظهر من هذه الدعوى أنهما ينكران على أبي بكر حديثه، ويرى علي زوجته مستحقة للميراث، وكذا العباس يرى نفسه وارثا، فهما ليسا غير عالمين بالحديث فقط، بل هما عالمان بعدمه، فإنهما ينكران الحديث، وإن كان راويه مثل أبي بكر، لكن مع كل ذلك يشكل تكذيب أبي بكر في نقل الحديث، وهذه هي المشكلة العويصة.
وربما يخطر بالبال أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال: لا نورث... في مال خاص وقفه، فحسبه أبو بكر عاما في كل ما تركه وإن لم يوقفه في حياته، أو ألحقه به اجتهادا لمصلحة النظام الجديد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، ويشهد له أن أبا هريرة استثنى في حديثه هذا نفقة الزوجات، إذ لم يؤخذ من أحد الزوجات شئ من بيوتهن بدعوى أنه صدقة، بل كان إزاره وكساؤه صلى الله عليه وسلم عند عائشة (1)، وقد مر هذا البحث قبل قريب.
ويمكن أيضا أن تكون كلمة ما الموصولة مع صلتها مفعولة لكلمة لا نورث وقرأ صلى الله عليه وسلم كلمة صدقة بالوقف، فحسب أبو بكر أنها مرفوعة، وأنه خبر للموصول وصلته (2).