تركته لبين (1).
أقول: الرواية ككثير من روايات البخاري مجملة ومحصلها أن النبي كان يظن أو يحتمل أن صافا هو الدجال، وهو يحب استعلام حاله، فلم يوفق له! ثم الظاهر من الرواية أن عبد الله لم يكن مع النبي في مرتين وإلا لذكره بطبع الحال، فنسأله من أين جاء بالقصة ومن الذي أخبره؟
(144) وعنه... ثم ذكر الدجال فقال: إني أنذركموه، وما من نبي إلا قد أنذر قومه، لقد أنذره نوح قومه، ولكن سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه: تعلمون أنه أعور وأن الله ليس بأعور (2).
أقول: هذا الكلام برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ من غير المعقول صدوره عنه صلى الله عليه وسلم فالتمييز الذي ذكر - أنه أعور وأن الله ليس بأعور - لا تقوله حتى ربات الحجال، فكيف برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى! فيا حسرة على كذب الناقلين وعقل المحدثين الغافلين.
(145) وعن أبي سعيد الخدري قال: صحبت ابن صائد إلى مكة فقال لي: أما قد لقيت من الناس، يزعمون أني الدجال، ألست سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه لا يولد له.
قال: قلت: بلى.
قال: فقد ولد لي أوليس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل المدينة ولا مكة.
قلت: بلى.
قال: فقد ولدت بالمدينة، وهذا أنا أريد مكة، ثم قال لي في آخر قوله: أما والله إني أعلم مولده ومكانه وأين هو.